للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا استغللنا هذه الإشارة المنهجية وطبَّقناها وفعَّلناها في دراستنا للدلالة الزمنية لفعل «الأمر» مثلا يمكن أن نخرج ببعض النتائج، التي منها أنَّ فعل الأمر:

أ - قد يكون «دالا على الحال، وذلك نحو قوله تعالى: {ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (٤٨) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} الدخان: ٤٨ - ٤٩، فزمن الذوق مصاحب لصبِّ الحميم» (١).

ب - دلالة الأمر على الماضي، «وذلك نحو قوله تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} يوسف: ٩٩، فقوله: «ادخلوا مصر» كان بعد دخولهم إياها؛ فهو أمر يفيد المضي») (٢). ومثل قول النبيِّ ــ صلى الله عليه وسلم ــ للرجل الذي أتاه في الحجِّ فقال: «يا رسول الله، ذبحْتُ قبل أنْ أرمِيَ ــ أي: ذبحت أولا ثم رمَيْتُ ثانيا ــ فقال ــ صلى الله عليه وسلم ــ: ارمِ ولا حرَج») (٣). قال ابن هشام: «ارمِ ولا حرج: فإنَّهُ بمعنى رَمَيْت والحالة هذه، وإلَّا لكان أمرًا له بتجديد الرمي، وليس

كذلك») (٤).

ت - الأمر المستمر: «وذلك نحو قوله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} البقرة: ٨٣») (٥).

ث - وربما كان فعل الأمر مطلقا غير مقيد بزمن لكونه دالا على الحقيقة، أو لكونه دالا على التوجيه والحكم أو لغير ذلك) (٦)، وذلك كقول الشاعر:

كُنِ ابنَ مَن شِئتَ واِكتَسِب أَدَبًا ... يُغنيكَ مَحمُودُهُ عَنِ النَسَبِ [بحر المنسرح]

وقبل الانتقال إلى جزئية جديدة من بحثنا ننقل هنا تعليق عالمين جليلين على مقولة سيبويه السابقة عن ((تعريف الفعل)).


(١) د. فاضل السامرائي: معاني النحو، ٤/ ٣٢
(٢) السابق، ص ٣٢
(٣) الهيثمي: موارد الظمآن لزوائد ابن حِبَّان، ت: محمد عبد الرازق حمزة، دار الكتب العلمية، بيروت، ) بدون تاريخ للطبعة (، ص ٢٥٠
(٤) السيوطي: همع الهوامع، ت: أحمد شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط ١، ) ١٩٩٨ م (١/ ٣٠
(٥) د. فاضل السامرائي: معاني النحو، ٤/ ٣٤
(٦) السابق، ٤/ ٣٧

<<  <   >  >>