للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ــ تكرار سيبويه لكلمة «سمعنا» وتصريفاتها، التي تسبق النصوص والاستشهادات التي يوردها للتدليل على القاعدة التي يشرحها ويقرِّرها، فقد دأب على مدار الكتاب على تأكيده لهذا «السماع»، وبلغ عدد المواضع التي ذكر فيها «سماعه» للنص من أفواه العرب ومن نقل عنهم أكثر من مِئتَين وست وأربعين مَرَّة) ٢٤٦ مَرَّة (. ومن أقواله في هذا:

- «وسمعنا من العرب من يقول ممن يوثق به ... » (١).

- «وسمعنا عربيًّا موثوقا بعربِيَّته ... » (٢).

- «فكلّ هذه البيوت سمعناها من أهل الثقة هكذا» (٣).

- «سمعنا أكثر العرب يقولون في بيت امرئ القيس ... » (٤).

وفي بعض الأحيان لا ينص فقط على سماعه، بل ينص على عدالة وفصاحة ومن تُرْضى عربِيَّته ويُوثَق بهم ممن أخذ منهم، يقول:

- «وسمعنا ممن تُرْضى عربِيَّته ... » (٥).

- «وقد قال قومٌ من العرب تُرضىَ عربيَّتُهم ... » (٦). وهذه العبارة وسابقتها توحيان بأَنَّه يقسم القبائل العربِيَّة قسمين: قسم تُرْضَى عربِيَّته؛ يؤخذ منه، وقسم لا تُرضى عربِيَّته؛ يحاول قدر الإمكان تجنُّبه، وإن ذكره يذكره على سبيل الشذوذ.

- «وسمعنا فصحاء العرب ... » (٧).

- «وحدَّثني من لا أتَّهم عن رجل من أهل المدينة موثوق به أَنّهُ سمع عربيًّا يتكلَّم ... » (٨).

فليس الأمر مجرد سماع، بل سماع من ثقة عَدْل، وأعتقد أَنَّ سيبويه تَاَثَّرَ بمنهج المحدِّثين وطريقتهم في التثبُّت من الأخبار؛ إذ طلب في بداية حياته الحديث والفقه.

ويُعَبِّر سيبويه عن هذا السماع بطريق غير مباشر بأنْ يقول إِنَّ هذا النَّصّ أو ذاك تكلَّمت أو لم تتكلَّم به العرب، يقول مثلا:


(١) سيبويه: الكتاب، ت: عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط ٤، ) ١٤٢٥ هـ ــ ٢٠٠٤ م (، ١/ ٥٣
(٢) سيبويه: الكتاب، ٣/ ٩٨
(٣) سيبويه: الكتاب، ٣/ ١٣٧
(٤) سيبويه: الكتاب، ٣/ ٢٢٣
(٥) سيبويه: الكتاب، ٣/ ٥٣٣
(٦) سيبويه: الكتاب، ١/ ١٨٢
(٧) سيبويه: الكتاب، ٣/ ١٥٧
(٨) سيبويه: الكتاب، ٣/ ١٥٢

<<  <   >  >>