وَوَصَّيتُهُ، وَيَكْرَهُ تُمَنِّي المَوْت لَضَرَّ نَزْل بِهِ لا لُفتُنَّهُ دَيِّن
ــ
وقال الماوردي: إنما تكون الذمة بدينه إذا لم يخلف تركه يتعلق بها الدين. ويدل له ما روى أبو داوود (٢٣٣٥) عن أبي موسي الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أعظم الذنوب عند الله عز وجل أن يلقاه بها عبد بعد الكبائر التي نهى الله تعالى عنها: أن يموت رجل عليه دين لم يدع له قضاء).
قال:(ووصيته)؛ مسارعة إلى وصول الثواب له البر، وذلك مندوب بل واجب عند طلب الموصى له المعين، وكذا عند التمكن في الوصية للفقراء ونحوهم من ذوي الحاجات.
قال:(ويكره تمني الموت لضر نزل به)؛ لما روى البخارى (٥٦٧١) عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان ولا بد فاعلًا .... فليقل: (اللهم؛ أحيني ما كانت الحياة خيرًا لى، وتوفني ما كانت خيرًا لي).
قال:(لا الفتنة دين) كما إذا فسد الزمان، فحينذ لا يكره بل قال المصنف في (الفتاوى) التي له غير مشهورة: إنه في هذه الحالة يستحب، وحكي ذلك عن أبي ملسم الخولاني وهمر بن عبد العزيز وغيرهما.
قال الشيخ: والأحسن في هذه الحالة الدعاء بما في الحديث فإنه يحصل به المقصود، والله تعالي هو العالم بحقائق الأمور وعواقبها.
وأما التمني لغرض أخروي كتمني الشهادة في سبيل الله ... فمحبوب, وقد قال عمر رضي الله عنه:(اللهم؛ إنه رق عظمي - أي: ضعف - وانتشرت رعيتي، فتوفني غير مقصر ولا عاجز). قال أصبغ: سمعت أشهب يحدث أن عمر بن عبد العزيز كان لا يبلغه شيء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلا أحب أن يعمل به، حتى بلغه أن عمر رضي الله عنه دعا على نفسه بالموت فدعا به، فما لبث جمعة حتى مات. وصح عن معاذ أنه تمناه في طاعون عمواس.