خص الله تعالى المسافر في إقامة الصلوات الخمس بنوعين من التخفيف: القصر والجمع، وأهمهما القصر، وهو مجمع عليه، فلذلك بدأ به المصنف.
و (المسافر): الملتبس بالسفر وهو: قطع المسافة، وجمعه: أسفار، سمي سفرًا، لأنه يسفر عن أخلاق الرجال أي: يكشفها، من قولهم: سفرت المرأة عن وجهها إذا أظهرته.
والأصل في القصر قوله تعالى:{وإذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} الآية، فأباحه بشرط الخوف، وبينت السنة جوازه عند الأمن:
روى مسلم [٦٨٦] عن يعلي بن أمية أنه قال لعمر: ما لنا نقصر وقد أمنا، وقد شرط الله تعلى الخوف؟! فقال: عجبت مما عجبت منه، فذكرت ذلك لرسول الله صلي الله عليه وسلم فقال:(صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته).
وروى ابن أبي شيبة والطبراني عن ابن عمر أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:(خيار أمتي من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، والذين إذا أحسنوا .. استبشروا، وإذا اساؤوا .. استغفروا، وإذا سافروا .. قصروا وأفطروا).
و (كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقصر في أسفاره غازيًا وحاجًا ومعتمرًا).
وفي (الصحيحين)[خ ١٠٨٤ - م٦٩٥] عن ابن مسعد قال: (صليت مع النبي صلي الله عليه وسلم ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين).
وقال ابن عمر:(سافرت مع النبي صلي الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فكانوا يصلون الظهر والعصر ركعتين ركعتين).