قال:(ويسن خَرص الثمر إذا بدا صلاحه على مالكه)؛ لما روى سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد رضي الله عنه قال:(أمر رسول صلى الله عليه وسلم أن يخرص العنب كما يخرص النخل، وتؤخذ زكاته زبيبًا كما تؤخذ زكاة النخل تمرًا) رواه أبوا داوود [١٥٩٩] والحاكم [٣/ ٥٩٥] وابن حبان [٣٢٧٩] وحسنه الترمذي [٦٤٤]، إلا أن سعيد بن المسيب لم يسمع من عتاب ولا أدركه.
وإنما شبه في الحديث الكرم بالنخل؛ لأنها أكثر عندهم. لأن خبير فتحت سنة سبع، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة رضي الله عنه يخرص النخل- وكان خرص النخل عندهم معروفًا- فلما فتح النبي صلى الله عليه وسلم الطائف وبها العنب .. أمر بخرصه كخرص النخل.
وقيل: إن الخرص واجب لظاهر الخبر، وبه جزم الماوردي؛ لأن في تركه إضرارًا بالملاك إن منعوا عن التصرف، وبالمساكين إن لم يمنعوا.
قال: وأما ثمار البصرة .. فأجمع الصحابة وعلماء الأمصار على أن خرصها غير جائز لكثرتها، ولما يلحق من المشقة ويلزم من المؤنة بسببها.
وقال أبو حنيفة: الخرص لا يجوز والسنة قاضية عليه.
و (الثمر) - بفتح الثاء المثلثة والميم- المراد به: الرطب والعنب، واحترز المصنف به عن الحب فإنه لا يخرص؛ لأنه لا يمكن الوقوف على ما فيه لاستتاره، ولأنه لا يؤكل غالبًا وهو رطب، والثمار تؤكل بسرًا ورطبًا وعنبًا فاحتجنا إلى خرصها؛ ليتمكن المالك من التصرف وينضبط حق الفقراء.
ولا يخرص الزيتون على المذهب وإن قلنا بوجوب الزكاة فيه.