فإن قيل: من نام غير قاعد .. فقد تيقن الطهر وشك في الحدث، فينبغي أن لا ينتقض وضوءه.
قلنا: هذا مستثنى لما تقدم من أنه مظنة للحدث، لا نفس الحدث.
والمراد بالشك هاهنا وفي معظم أبواب الفقه: مطلق التردد بين الشيئين، سواء كانا على السواء، أو أحدهما أرجح، وهو اصطلاح المتقدمين والفقهاء.
قال صاحب (التلخيص): لا يرتفع اليقين بالشك إلا في أربع مسائل:
إذا شكلوا في انقضاء وقت الجمعة .. صلوا ظهراً.
وإذا شك في انقضاء مدة المسح .. بنى على انقضائها.
وإذا شك هل وصل إلى وطنه؟ وإذا شك هل نوى الإتمام؟ يلزمه الإتمام فيهما.
والأصحاب قالوا: إن جميع ذلك رجوع إلى الأصل؛ فإن هذه الرخص منوطة بشرط، فإذا شككنا فيه .. رجعنا إلى الأصل، وهو: عدم الترخص.
قال:(فلو تيقنهما وجهل السابق .. فضد ما قبلهما في الأصح).
المراد: إذا تيقن أنه بعد طلوع الشمس مثلاً وجد منه حدث وطهارة، ولم يدر أيهما سبق .. فيؤمر بالتذكر، فإن تذكر أنه كان قبل طلوع الشمس متطهراً .. فهو الآن محدث، وإن كان محدثاً .. فهو الآن متطهر؛ لأن ما قبل الشمس إن كان طهارة .. فقد أحدث بعدها، وإن كان حدثاً .. فقد تطهر بعده، فما قبل الشمس ارتفع بيقين، وهو يشك في زوال الرافع له، ولا يزال اليقين بالشك، كمن عليه ألف درهم ديناً، فأقام بينة بالبراءة، فأقام المستحق بينة على إقراره بألف مطلق، فإنا نقدم بينة البراءة؛ لأنا تيقنا أنها وردت على دين واجب فأزالته ونحن نشك: هل اشتغلت ذمته بدين آخر بعد البراءة أو لا؟ فلا يزال يقين البراءة بالشك.
والوجه الثاني: يكون حكمه وفق ما قبلهما لتعارضهما، وهو غلط صريح لتحقيق ارتفاعه.