واستدل لذلك بما رواه البخاري [١٥٣١] عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما فتح هذان المصران .. أتوا عمر رضي الله عنه فقالوا: يا أمير المؤمنين؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد قرنًا، وهو جور عن طريقنا، وإنا إن أردناه .. شق علينا، قال: فانظروا حذوها من طريقهم، فحد لهم ذات عرق) ووافقه الصحابة على ذلك.
و (المصران): الكوفة والبصرة.
فإن اشتبه عليه الأمر .. اجتهد.
ويستحب أن يستظهر ليتيقن المحاذاة أو فوقها، وأشار أبو الطيب إلى وجوب الاستظهار.
قال:(أو ميقاتين .. فالأصح: أنه يحرم من محاذاة أبعدهما) سواء كانا من جهة واحدة أو كان أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره.
والمراد: أبعدهما من مكة، وهو الأقرب إليه بأن يحاذيه أولًا، كمن يحاذي ذا الحليفة لا يؤخر لمحاذاة الجحفة.
ويقابل (الأصح): أنه يتخير بينه وبين الموضع المحاذي للأقرب، ونسبه الماوردي إلى جمهور الأصحاب، وقال: إنه الصحيح.
فإن حاذاهما معًا .. أحرم من موضع المحاذاة، قال الرافعي: ويتصور حينئذ أن تكون مكة من أحدهما أبعد؛ لانحراف إحدى الطريقين أو وعورتها.
قال:(وإن لم يحاذ .. أحرم على مرحلتين من مكة)؛ فإن ذلك أدنى المواقيت، وعليه اعتمد عمر رضي الله عنه في اجتهاده في ذات عرق.
والمراد بعدم المحاذاة: في علمه، لا في نفس الأمر؛ فإن المواقيت تعم جهات مكة فلا بد أن يحاذي أحدها.