قال:(والأفضل: أن يحرم من دويرة أهله) وهو مذهب أبي حنيفة؛ لأنه أكثر عملًا، ولأن عمر وعليًا رضي الله عنهما فسرا الإتمام في قوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} بذلك، رواه البيهقي [٤/ ٣٤١] مرفوعًا، وصحح الحاكم [٢/ ٢٧٦] وقفه.
قال ابن عبد البر: وأهل ابن عمر رضي الله عنهما من بيت المقدس، وأهل ابن مسعود رضي الله عنه من القادسية، وابن عباس رضي الله عنهما من الشام، وهؤلاء فقهاء الصحابة.
وفي (أبي داوود)[١٧٣٨] و (ابن ماجه)[٣٠٠٢] عن أم سلمة رضي الله عنها: أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام .. غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أو وجبت له الجنة).
نعم؛ يستثنى من ذلك الحائض والنفساء؛ فقد نقل صاحب (التقريب) عن النص: أن الأفضل لهما أن يحرما من الميقات.
قال:(وفي قول: من الميقات)؛ اتباعًا لفعله صلى الله عليه وسلم، وإلى هذا ذهب مالك وأحمد.
قال:(قلت: الميقات أظهر، وهو الموافق للأحاديث الصحيحة والله أعلم)؛ لأن الأمة أجمعت على أنه صلى الله عليه وسلم أحرم من ذي الحليفة في حجته وفي عمرة الحديبية مع قرب المدينة من ذلك، بل أطلق جماعة الكراهة في تقديم الإحرام على الميقات، ولو قيل: إنه خلاف الأولى .. لكان أولى.
وقيل: إن أمن محظورات الإحرام .. فمن دويرة أهله، وإلا .. فمن الميقات.
وأطلق المصنف أن الإحرام من الميقات أفضل، ومراده إذا لم يلتزم بالنذر الإحرام مما قبله، فإن التزمه .. لزمه من موضع التزامه، فإن جاوزه وأحرم .. فكمن جاوز