والجواب: أن هذا كان في عمرة القضاء سنة سبع، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما في حجة الوداع سنة عشر، فكان العمل به أولى.
وقوله في الحديث:(فجلسوا مما يلي الحجر) - وهو بكسر الحاء – أراد أنهم جلسوا في قعيقعان، وهو جبل مطل على مكة لا في نفس مكة؛ فإنهم كانوا قد انتقلوا عنها وأخلوها ثلاثة أيام باشتراط وقع بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم.
والحكمة في مشروعية الرمل مع زوال سببه الذي شرع له: تذكر نعمة الله تعالى على اعتزاز الإسلام وأهله.
واحترز المصنف بـ (تقارب الخطا) عن الوثوب والعد، فلو ترك الرمل في الأول أو الثاني .. أتى به في الذي بعده، وإن تركه في الثلاثة .. لم يفعله في الأربعة الأخيرة؛ لأن هيئته السكون فلا تغير، كمن قطعت مسبحته اليمنى .. لا يشير باليسرى في التشهد، ومن ترك الجهر في الركعتين الأوليين .. لا يجهر في الآخيرتين؛ لتفويته سنة الإسرار.
قيل: وكان الأولى أن يعبر بالطوفان دون الأشواط؛ لأن الشافعي رضي الله عنه والأصحاب كرهوا تسميتها أشواطًا، لأن الشوط الهلاك ..
لكن قال في (شرح المهذب): إنه لا يكره؛ لأن الكراهة إنما تثبت بنهي الشرع ولم يثبت.
قال:(ويختص بالرمل بطواف يعقبه سعي، وفي قول: بطواف القدوم).
أصل هذا: أن الطواف الذي رمل فيه النبي صلى الله عليه وسلم وجد فيه المعنيان: السعي بعده وكونه للقدوم، والقول الأول هو الأظهر عند الأكثرين نظرًا إلى الأول، والثاني إلى الثاني، ورجحه الشيخ محب الدين الطبري والشيخ تبعًا للبغوي. فعلى القولين: لا يرمل في طواف الوداع؛ لانتفاء الأمرين، ويرمل من قدم مكة معتمرًا؛ لوجودهما ..