وإن كانا استهلاكًا .. فالمشهور: التعدد، إلا إذا لبس ثوبًا مطيبًا .. فالمنصوص: فدية واحدة.
وإن كانا استمتاعًا، فإن اتحد النوع؛ بأن تطيب بأنواع من الطيب كمسك وزعفران وكافور، أو نوع واحد مرارًا، أو لبس مرارًا أنواعًا من الثياب كعمامة وسراويل وقميص وخف، أو قبل امرأة ثم أخرى، فإن فعل ذلك متواليًا من غير تخلل تكفير .. ففدية واحدة، سواء طال الزمان في معالجة لبس القميص أو قصر؛ لأنه إذا توالى .. فهو كالفعل الواحد، فإن اتحد الزمان والمكان لكنه تخلل في أثناء اللبس كفارة .. ففدية، فإن فعل ذلك في مجالس أو مجلس وتخلل زمان طويل، فإن كفر عن الأول .. لزمه للثاني كفارة بلا خلاف، وإن فعل الثاني قبل التكفير عن الأول .. فالجديد يتكرر، والقديم لا.
فملخص ذلك: أنه إذا لبس ثم لبس تتكرر الفدية، أما إذا ستر رأسه بقبع ثم بعمامة ثم بطيلسان في أزمنة، أو نزع العمامة ثم لبسها .. فكثيرًا ما يسأل عن ذلك، والذي أفتى به الشيخ وغالب فقهاء العصر عدم التكرر ما دام الرأس مستورًا؛ لأن المحرم في الرأس إنما هو الستر، والمستور لا يُستَر، بخلاف البدن؛ فإن الفدية فيه متعلقة باللبس فيقال لِلاَّبِس: لَبِسَ.
وفي كلام الشيخ محب الدين الطبري ما يقتضي: أن الرأس كالبدن والمعتمد: الفرق، ولهذا عبر المصنف وغيره في الرأس بـ (الستر) وفي البدن بـ (اللبس).
قال:(وللمعذور أن يحلق ويفدي) سواء كان معذورًا بقمل أو مرض أو حر أو وسخ؛ لقوله تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَاسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}.
وفي (الصحيحين)[خ ١٨١٦ - م ١٢٠١/ ٨٥] عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: فِيَّ أُنْزِلَت هذه الآية، حُمِلتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي فقال:(أيؤذيك هوامك؟) قال ابن عون: أطنه قال: نعم، فأمره أن يحلق ويفدي.