هذا إذا لم يعلم بالردة، فإن علم بها .. فالأصح: لا يرجع بشيء ولا ينفسخ البيع.
كل هذا تفريع على صحة بيع المرتد وهو المذهب، والوجهان في هذه المسألة هما الوجهان المتقدمان في القطع بجناية أو سرقة، لكن الحكم بكونه من ضمان البائع موجب هناك للرد وهنا لانفساخ البيع، والرجوع بالثمن في الموضعين والحكم بكونه من ضمان المشتري موجب الرجوع بالأرش في الموضعين.
قال:(ولو باع بشرط براءته من العيوب .. فالأظهر: أنه يبرأ عن عيب باطن بالحيوان لم يعلمه دون غيره) استدل الشافعي رضي الله عنه لهذا الحكم بأمرين:
أحدهما: ما رواه مالك [٢/ ٦١٣]: (أن ابن عمر رضي الله عنهما باع غلامًا له بثمان مئة درهم وباعه بالبراءة، فقال الذي ابتاعه لعبد الله بن عمر: بالعبد داء لم تسمه لي فاختصما إلى عثمان بن عفان فقال: الرجل باعني عبدًا وبه داء لم يسمه لي، فقال عبد الله بن عمر: بعته بالبراءة، فقضى عثمان على عبد الله أن يحلف: لقد باعه العبد وما به داء يعلمه، فأبى عبد الله أن يحلف وارتجع العبد، فباعه عبد الله بألف وخمس مئة درهم).
الأمر الثاني: أن الحيوان يغتذي بالصحة والسقم وتتحول طباعه، وقل ما يخلو عن عيب ظاهر أو باطن، فلو لم يقل بذلك .. أدى إلى أن لا يلزم بيع فيه أصلًا، بخلاف غير الحيوان، والشافعي رضي الله عنه قال هنا: قلته تقليدًا لعثمان، والمراد: أن قوله لما انتشر .. وافق بعض الأقيسة وصار حجة.
والفرق بين المعلوم وغيره: أن كتمان المعلوم تلبيس فلا يبرأ منه، والفرق بين الظاهر والباطن: أن الظاهر يسهل الاطلاع عليه ويعلم غالبًا فأعطيناه حكم المعلوم وإن خفي على ندور، فقول المصنف:(دون غيره) راجع إلى الثلاثة المذكورة فلا