ولأنه أثر عبادة مشهود له بالطيب، فكان إبقاؤها راجحاً على إزالتها كدم الشهيد، وأجمعنا على عدم التحريم في السواك، فتثبت الكراهة.
وقولنا:(مشهود له بالطيب) احتراز من بلل الوضوء وأثر التيمم.
وما يصيب ثوب العالم من المداد، فإنه مشهود له بالفضل لا بالطيب.
واختصاصه بما بعد الزوال؛ لأن التغير قبله يكون من أثر الطعام، وبعده من الصيام، وروي:(استاكوا بالغداة، ولا تستاكوا بالعشي؛ فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه إلا كان نوراً بين عينيه يوم القيامة)، وهذا يخص قوله صلى الله عليه وسلم:(من خير خصال الصائم السواك) رواه ابن ماجه [١٦٧٧]، أو يحمل على ما قبل الزوال.
وقيل: لا يكره السواك له مطلقاً، وبه قال الأئمة الثلاثة، واختاره المصنف في (شرح المهذب)، وحكاه في (الروضة) هنا قولاً؛ لما روى الترمذي [٧٢٥] وحسنه عن عامر بن ربيعة قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يستاك وهو صائم).
وروى عن الشافعي: أنه لم ير به بأساً أول النهار وآخره.
وعن القاضي حسين: أنه يكره في الفرض، ولا يكره في النفل؛ خوفاً من الرياء بتقدير الترك.
وفي (الرونق) و (شرح المحب الطبري) وجه: أنه لا يكره إلا بعد العصر؛ لأثر فيه رواه البيهقي [٤/ ٢٧٤].
وفي (ودائع ابن سريج): أنه لا يكره إلا عند الإفطار، والأصح في (شرح المهذب): أن الكراهة تزول بغروب الشمس.