قال:(ثابتًا) فلا يصح الرهن بما لم يثبت سواء جرى سبب وجوبه، كنفقة الغد، أو لا، كما إذا رهنه على ما سيقرضه غدًا؛ لأن الرهن وثيقة بحق فلا يقدم على الحق كالشهادة.
قال:(لازمًا) فلا يصح بغير اللازم كمال الكتابة؛ لأنه لا فائدة في الوثيقة مع تمكن المديون من إسقاط الدين.
فإن قيل: كان يستغني باللازم عن الثابت؛ لأن كل لازم ثابت ولا ينعكس .. فالجواب: أنه لا يستغنى بذلك؛ لأن اللزوم وعدمه صفة للدين نفسه، كما تقول: دين الكتابة غير لازم وثمن البيع بعد انقضاء الخيار لازم، والثبوت يستدعي الوجود في الحال، فلا يصدق قبل حصول سببه. وبهذا يتبين: أن الثبوت واللزوم ينفك كل منهما عن الآخر، وقد يجتمعان، فلهذا لابد من ذكرهما.
وبقي عليه قيد رابع: أن يكون معلومًا لكل منهما؛ لأن العلم بقدر الدين وصفته شرط في الرهن كما هو شرط في الضمان ونص (الأم) يشهد له، وبه جزم ابن عبدان وصاحب (الإستقصاء).
وخامس: أن يمكن استيفاؤه من عين الرهن، واحترز به عن العمل في الإجارة إذا اشترط أن يعمل بنفسه؛ فإنه كالعين لا يجوز الرهن به، أما على العمل الذي في الذمة .. فيجوز على المذهب.
قال:(فلا يصح بالعين المغصوبة والمستعارة في الأصح)؛ لأنه إن رهن بقيمتها إذا تلفت .. كانت رهنًا قبل ثبوت الدين، وإن رهن على عينها .. لم يمكن استيفاء العين من الرهن.
ولو قال: بالعين المضمونة .. كان أشمل؛ ليدخل المستام، والمأخوذ ببيع فاسد، والمبيع، والصداق قبل القبض، وسائر الأعيان المضمونة في ذلك سواء.
والوجه الثاني –وهو مذهب أبي حنيفة-: يصح الرهن بكل عين مضمونة كما يصح