قال:(والغريب العاجز عن بينة الإعسار .. يوكل القاضي به من يبحث عن حاله، فإذا غلب على ظنه إعساره .. شهد به)؛ لئلا يؤدي إلى تخليد حبسه.
قال في (الكفاية): وهذا أبداه الإمام تفقهًا لنفسه.
فروع:
الأول: إنظار المعسر واجب، ورب الدين مخير بينه وبين الإبراء، فإن قيل: التخيير بين شيئين يقتضي استواءهما في الحكم، فكيف خير بين واجب ومندوب والواجب أفضل؟ .. فالواجب: أن المندوب قد يفضل الواجب كالصدقة بألف دينار تطوعًا، فإنها أفضل من درهم زكاة، وأيضًا ابتداء السلام أفضل من الرد، والابتداء سنة والرد قد يكون واجبًا.
الثاني: من عليه دين حال .. وجب عليه أداؤه إن قدر عليه، وهل يتوقف ذلك على مطالبة رب الدين؟ فيه وجهان في (شرح العمدة) لابن دقيق العيد في الكلام على مطل الغني، وجزم شيخه الشيخ عز الدين بن عبد السلام في (القواعد) بعدم الوجوب، وكذلك الشيخ أبو المظفر السمعاني في كتاب (القواطع) في أصول الفقه، وكلام المصنف في (الروضة) في آخر (الحجر) حاصله: الوجوب أيضًا.
وقال في (الغصب) من (البحر) يحتمل أن يقال: إن كان وجوبه برضا المالك .. فهو على التراخي، ويتعين أداؤه بالمطالبة، وإن كان وجوبه بغير رضا المالك .. فالقضاء على الفور.
وقال الإمام في (كتاب الزكاة) وفي آخر (كتاب القاضي إلى القاضي): لا يتعين أداؤه إلا بالمطالبة. قال القمولي: وهذا هو الظاهر، فإذا طالبه ربه به .. وجب أداؤه على الفور بحسب الإمكان، فإن امتنع وله مال ظاهر: فإن كان من جنس الدين .. وفى منه، وإن كان من غيره .. أمر ببيعه والإيفاء منه، فإن لم يفعل .. فثلاثة أوجه: