قال:(النوع الثاني: الصلح على الإنكار، فيبطل إن جرى على نفس المدعى) خلافًا للأئمة الثلاثة.
لنا: أنه لا أثر فيه يجب اتباعه، وهو صلح محرم للحلال إن كان المدعي صادقًا؛ لتحريمه المدعى به عليه بعد ذلك، أو محلل للحرام إن كان كاذبًا بأخذه ما لا يستحق، ولم يقل أحد من الأصحاب بجواز ذلك وإن كان كلام (المطلب) يفهم أن فيه وجهًا، وهو وهم.
وصورة الصلح على الإنكار: أن يقول: صالحني، أو يقول: صالحني عن دعواك، أو عن دعواك الكاذبة.
واستدل الأئمة الثلاثة لجوازه بما روى أحمد [٦/ ٣٢٠] وأبو داوود [٣٥٨٣]: أن رجلين اختصما في مواريث بينهما قد درست وليس بينهما بينة، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضي بينكم على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا .. فلا يأخذه؛ فإنما أقطع له قطعة من نار يأتي بها إسطامًا في عنقه يوم القيامة) فبكى الرجلان وقال كل منهما: حقي لأخي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أما إذ قلتما .. فاذهبا فاقتسما، ثم توخيا الحق، ثم استهما، ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه).
و (الإسطام): الحديدة التي تحرك بها النار وتسعر، أي: أقطع له ما تسعر به النار على نفسه وتشعلها، أو أقطع له نارًا مسعرة.
والجواب: أنه عليه الصلاة والسلام قسمه بينهما؛ لأن المال في يديهما ولا مرجح لأحدهما على الآخر.
وأما التحليل مع الجهالة .. فمن باب الورع؛ لأنه أقصى ما يمكن في هذه الحالة، بخلاف الجهل الذي يمكن استكشافه لا يصح معه التحلل ولا الصلح، ولا فرق في مسألة الكتاب بين أن يكون المدعى به عينًا أو دينًا.