والثاني: نعم كما لو قال: هبنيها .. فالمشهور: أنه إقرار.
ولو قال: ملكني الدار التي تدعيها .. جزموا بأنه إقرار، فلو قال: أجرني أو أعرني .. لم يكن إقرارًا.
ولو كان النزاع في دين فقال: أبرئني .. فهو إقرار على المشهور وقال بعض الأصحاب: لا يكون إقرارًا؛ لقوله تعالى:{فبرأه الله مما قالوا} وموسى عليه السلام لم يكن آدر، وتبرئته مما قالوا لا تقتضي إثباته.
قال:(القسم الثاني: يجري بين المدعي وأجنبي؛ فإن قال: وكلني المدعى عليه في الصلح وهو مقر لك .. صح)؛ لأن قبول الإنسان في دعوى الوكالة مقبول في جميع المعاملات، ثم إن كان صادقًا في دعوى الوكالة .. فيفعل ما وكل فيه من المصالحة على بعض المدعى، أو على شيء آخر عينًا كان أو دينًا، وإن لم يكن صادقًا .. فهو شراء فضولي وقد تقدم حكمه في (البيع).
وشمل قوله:(وهو مقر) ما إذا وقع الإقرار في الظاهر، وما إذا أقر عند الأجنبي الذي وكله فقط ولم يظهر خوفًا من أخذ المالك له، وقد صرح بالقسمين في (المحرر).
فلو قال: وكلني في مصالحتك وأن أعلم أنك محق .. فالصلح صحيح، جزم به القاضي أبو الطيب، وصاحب (التنبيه) وأقره عليه المصنف، وصححه الماوردي، وحكى وجهًا آخر: أنه لابد مع ذلك من الاعتراف بالإقرار.
وعلم من عبارة المصنف: أنه لا يكفي مجرد التوكيل بالمصالحة، وهو كذلك.
قال:(ولو صالح لنفسه والحالة هذه .. صح) أي: ظاهرًا، وكذا باطنًا، أما إذا كان دينًا .. فيأتي فيه الخلاف السابق في بيع الدين لغير من عليه.
واحترز بقوله:(والحالة هذه) عما إذا صالح لنفسه مع الإنكار وسيأتي.