وقال أبو حنيفة: لا اعتبار بالضرر وعدمه في إخراج الجناح، ولكن إن خاصمه إنسان فيه .. نزع وإن لم يضر، وإلا .. ترك.
وقال أحمد: لا يجوز إشراعه بحال إلا بإذن الإمام.
لنا: اتفاق الناس عليه في سائر الأعصار من غير إنكار، و (أن النبي صلى الله عليه وسلم نصب بيده ميزابًا في دار العباس رضي الله عنه) وقيس الجناح عليه، كذا استدل به الرافعي وغيره.
فأما نصب الميزاب .. فرواه أحمد [١/ ٢١٠] والحاكم [٣/ ٣٣١] والبيهقي [٦/ ٦٦]، وليس فيه دليل على أبي حنيفة ولا على أحمد، أما أبو حنيفة .. فلأنه لا يقول بمنع النصب كما تقدم.
وقوله:(يشرع) معناه يخرج.
وأما أحمد .. فإنما منعه عند عدم إذن الإمام، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم آكد وأبلغ من الإذن.
فائدة:
(الجناح): مأخوذ من جناح الطائر، قال الجوهري: وهو يده، وقيل: من جنح إذا مال، و (الجوانح): الأضلاع التي تلي الصدر، والضلوع مما يلي الظهر.
و (الساباط): سقيفة بين حائطين تحتها طريق، والجمع سوابيط وساباطات.
وقولهم في المثل: أفرغ من حجام ساباط، قال الأصمعي: كان يمضي الأسبوع فلا يدنو منه أحد، فعندها يخرج أمه فيحجمها؛ ليرى الناس أنه غير فارغ، فما زال ذلك دأبه حتى أنزف دمها فماتت فجأة فسار مثلًا.
قال الشاعر [من السريع]:
مطبخه قفر وطباخه .... أفرغ من حجام ساباط
وقيل: إنه حجم كسرى إبرويز مرة .. فأغناه، فلم يحجم بعده أحدًا.