قال المصنف رحمه الله تعالى:(بسم الله الرحمن الرحيم).
افتتح كتابه بحمد الله تعالى بعد البسملة، كما افتتح الله به أشرف كتاب أنزله على أفضل نبي أرسله، وخاطبه بقوله:{وقُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ} .. فسبحه وحمد له.
وفي (صحيح ابن حبان) وغيره عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل أمر ذي بال) أي: حال يهتم به ((لا يبدأ فيه باسم الله)، وفي رواية:(ببسم الله الرحمن الرحيم)، وفي رواية:(بحمد الله فهو أجذم)؛ ومعناه: مقطوع البركة.
و (الرحمن): صفة مبالغة من الرحمة بنيت على فعلان؛ لأن رحمته وسعت كل شيء.
و (الرحيم): يقال لمن كثر منه ذلك.
وقال الفارسي: إنما جيء بالرحيم بعد استغراق الرحمن معنى الرحمة؛ لتخصيص المؤمنين به في قوله:{وكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}، كما قال: {اقْرا بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الإنسَانَ مِنْ عَلَقٍ}، فخص به بعد أن عم؛ لما في الإنسان من أنواع الحكمة.
قال:(الحمد لله) استحب العلماء أن يقدم المرء بين يدي خطبه وكل أمر يطلبه حمد الله لفظاً.
وقد استحسن من أبي الحسن الدارقطني افتتاحه (كتاب الصلاة) من (سننه)[١/ ٢٢٩] بالحديث المذكور؛ إشارة إلى تعيين الفاتحة في الصلاة.
فإن قيل: ما بال البخاري والمزني لم يفعلا ذلك؟
فالجواب: أنهما اكتفيا بالبسملة؛ لأنها من أبلغ الثناء وحمد العطاء.