قال:(ويدلك) أي: في كل مرة من الثلاث؛ إذ به يحصل إنقاء البشرة، ولا يجب؛ لأنه يسمى مغتسلا بدونه. يقال: غسل السيل الوادي. وقياسا على غسل الإناء من ولوغ الكلب.
وأوجب مالك والمزني ذلك ما وصلت إليه يده في الغسل، وعلى أعضاء الوضوء قياسا على التيمم.
وجوابنا: أن الواجب إمرار التراب عليها، فإن لم يحصل إلا بإمرار اليد .. وجب لأجل ذلك، والماء يصل بدونه.
وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر:(فإذا وجدت الماء .. فأمسه جلدك)، ولم يأمره بزيادة.
قال:(ويثلث) أي: في الرأس والبدن قياسا على الوضوء، بل أولى؛ لأن الوضوء مبني على التخفيف.
وشذ الماوردي فقال: لا يستحب التثليث إلا في الرأس فقط، وكلام الحليمي يوافقه.
فلو كان ينغمس في ماء راكد .. انغمس ثلاثا، وإن كان جاريا .. فقياس ما ذكروه في غسلات الكلب: أن تمر عليه ثلاثة أزمنة لطيفة.
قال:(وتتبع لحيض أثره مسكا)، كذلك النفاس أيضا، فتجعله في قطنة وتدخلها الفرج وهو المراد بـ (الأثر)، وهو بكسر الهمزة مع إسكان الثاء، وبفتح الهمزة والثاء معا، أي: أثر الحيض، فإن تركت ذلك .. كره؛ لما روى الشيخان [خ ٣١٤ – م ٣٣٢] عن عائشة رضي الله عنها: أن امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله عن الغسل عن الحيض فقال: (خذي فرصة من مسك فتطهري بها)، فقالت: كيف أتطهر بها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(سبحان الله – واستتر بثوبه – تطهري بها)، فاجتذبتها فعرفتها: أنها تتبع بها أثر الدم.