وللأصحاب في مسألة الخياط والصبغ ستة طرق أصحها عند الرافعي والمصنف: تصديق المالك؛ لأنهما لو اختلفا في أصل الإذن .. كان القول قوله فكذا في صفته، ولأن الخياط معترف بأنه أحدث في الثوب نقصاً وادعى أنه مأذون له فيه والأصل عدمه.
ويقابل الأظهر تصديق الأجير؛ لأنهما اتفقا على إذنه في القطع، والظاهر أنه لا يتجاوز إذنه والأصل براءة ذمته.
وقيل: يقضى عليهما بالتحالف؛ لأنهما اتفقا على أصل العقد واختلفا في صفته، فالخياط يدعي الأجرة وينفي الضمان، والمالك يدعي الضمان وينفي الأجرة، ولأنهما لو اختلفا كذلك والثوب قائم .. لتحالفا، فكذا بعد قطعه.
والطريق الرابع: قولان.
والخامس: ثلاثة أقوال.
والسادس: إن جرى بينهما عقد .. تحالفا، وإلا .. فالخياط؛ لأنه يدعي الأجرة.
وإنما النزاع في الأرش، ولذلك كانت المسألة مصورة بما إذا جرى بينهما عقد أو لم يجر عقد ولكن فرعنا على إيجاب الأجرة.
قال في (المهمات): تصديق المالك مذهب أبي حنيفة والمزني، وتصديق الأجير مذهب ابن أبي ليلى ومالك وأحمد، والقول بالتحالف مذهب الشافعي المنصوص، وهو الصحيح نقلاً واستدلالاً، وعليه أكثر الأصحاب وهو الصواب.
وعلى هذا: إذا حلف أحدهما ونكل الآخر .. قضينا على مقتضى يمين الحالف، ولا خلاف أن المتآجرين إذا اختلفا في الأجرة أو المدة أو في قدر المنفعة أو في قدر المستأجر بأن قال: أكريتك هذا البيت، فقال: هذين البيتين .. يتحالفان، فإذا تحالفا .. فسخ العقد ووجبت أجرة المثل لما استوفاه.
و (البقاء) فارسي معرب، وقيل: عربي مشتق من القبو وهو: الضم.