ويدخل في كف الأذى اجتناب الغيبة وظن السوء واحتقار الناس وتضييق الطريق. قال:(ومن ألف من المسجد موضعًا يفتي فيه ويقرئ) أي: القرآن أو العلم الشرعي.
قال:(.. كالجالس في شارع لمعاملة)؛ لأن له غرضاً في ملازمة ذلك الموضع ليغشاه الناس، هذا قول أبي عاصم العبادي والغزالي ورجحه الشيخان.
وقال صاحب (التقريب) والجويني والماوردي والروياني: متى قام .. بطل حقه؛ لقوله تعالى:{سواء العكف فيه والباد} وهو مذهب جمهور الفقهاء.
وأجاب الأولون عن الآية بأن المراد بها المسجد الحرام بالاتفاق، والجالس فيه لاستماع الحديث والوعظ الظاهر أنه كالصلاة لا يختص فيما سوى ذلك المجلس، ولا فيه إن فارق بغير عذر، ويختص إن فارق بعذر.
وظاهر عبارة المصنف أنه لا يشترط في جلوسه إذن الإمام، وهو كذلك في المساجد الصغيرة ومساجد القرى، أما الجلوس لذلك في الجوامع وكبار المساجد .. فنقل الرافعي عن الماوردي اعتبار إذن الإمام فيها إذا كانت عادة البلد الاستئذان فيه، وكلام الإمام يخالفه.
ومن له عادة بالقرب من المدرس ونحوه وينتفع الناس بقربه منه لعلمه ونحوه .. يدوم اختصاصه، وما جرى به العرف من مجلس فقيه في موضع معين من مدرسة أو رباط .. الظاهر دوام اختصاصه فيه.
ويمنع الناس من استطراق حلق القراء والفقهاء في الجوامع توقيراً لها.
قال:(ولو جلس فيه لصلاة .. لم يصر أحق به في غيرها) بلا خلاف، بخلاف مقاعد الأسواق، والفرق أن غرض المعاملة يختلف باختلاف المقاعد، والصلاة في بقاع المسجد لا تختلف.