وكما لا تجب إعارة الدول والرشاء وبذل الماء المحرز في الأواني، والحديث محمول على الاستحباب.
تنبيهات:
أحدها: قول المصنف: (على الصحيح) يمكن عوده إلى عدم الوجوب للزرع والوجوب للماشية، فإن الخلاف فيهما، والتصحيح مختلف.
الثاني: للوجوب في الماشية شروط:
أن يكون فاضلاً عن حاجته كما تقدم، فإن لم يفضل .. لم يجب بلا خلاف؛ لأن الوعيد إنما جاء في بذلك الفضل، فإن لم يحتج إليه في الحال ولكن يحتاج إليه في ثاني الحال .. لزمه بذله؛ لأنه قد يستخلف.
وأن لا يجد للماشية ماء مباحاً، ووقع في كلام الرافعي: كلأ مباحاً، وهو سبق قلم.
وأن يكون بقرب الماء كلأ ترعاه المواشي، فإن لم يكن .. لم يجب.
وأن لا يكون عليه في وصول ماشيته إلى الماء ضرر لزرع ولا شجر، فإن استضر .. لم يلزمه التمكين.
وأن يكون الفاضل لم يحز في إناء أو حوض، فإن حازه .. لم يلزمه بذل فضله على الصحيح.
الثالث: المراد بـ (البذل): تمكين صاحب الماشية من الماء، ولا يلزمه استقاؤه لهم، ولا تمكينهم من دلوه وحبله وغربه، بل يسقيه أرباب الماشية بأنفسهم بآلتهم ودلائهم، وإذا دعت الضرورة إلى إعارة الدلو والرشاء وجب بالعوض، قاله القاضي حسين.
وأما بذله للرعاء .. فأصح الوجهين وجوبه؛ لأنهم أولى بذلك من الماشية، وهو وارد على المصنف، وإذا قلنا: لا يجب بذله .. كان له بيعه مقدراً بالكيل أو الوزن دون ري الماشية والزرع.