في أحد واديي خيبر عين تسمى الحمة، وهي التي سماها النبي صلى الله عليه وسلم قسمة الملائكة، يذهب ثلثا مائها في فلج والثلث الآخر في فلج آخر والمسلك واحد، وقد اعتبرت من زمان النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليوم تطرح فيها ثلاث خشبات أو ثلاث تمرات فتذهب اثنتان في الفلج الذي له ثلثا مائها وواحدة في الفلج الثاني، ولا يقدر أحد أن يأخذ من ذلك الفلج أكثر من الثلث، ومن قام في الفلج الذي يأخذ الثلثين ليرد الماء إلى الفلج الثاني .. غلبه الماء إلى الفلج الثاني وفاض ولم يرجع إلى الفلج الثاني شيء يزيد على الثلث، قاله البكري وغيره.
و (الفلج): النهر الصغير.
تتمة:
قال المتولي: إذا ملك أرضاً وأراد زراعتها ولا يمكن إلا بسوق الماء من أرض جاره بأن يحفر نهراً على وجه الأرض .. لا يلزمه تمكينه، ويخالف مسالة الجذوع؛ لأنه لا يعطل عليه منفعة الجدار بوضع الجذوع، فإنه يمكنه أن ينتفع بسطحه ورأس الجذع على الحائط كما كان ينتفع به قبل ذلك، وهنا تتعطل المنفعة على الجار، أما إذا أراد أن يحفر تحت الأرض طريقاً للماء في أرض غيره فهل يلزمه تمكينه؟ وجهان:
أصحهما: لا؛ لأن باطنها ملكه كظاهرها.
والثاني: يلزمه التمكين؛ لما روي أن الضحاك بن خليفة ساق نهراً، فأراد أن يمر به في أرض لمحمد بن مسلمة فمنعه، فرفع الأمر إلى عمر فقال:(لم تمنع أخاك ما ينفعه ولا يضرك؟ فأبى، فقال عمر: والله ليمرن به ولو على بطنك).
والجواب: أن هذه القصة منقطعة الإسناد، وأجاب البيهقي بأن عمر خالفه ابن مسلمة.