وقول القفال فيمن وقف داراً على سكنى معلم صبيان القرية: ليس له إسكان غيره .. فيه وقفة؛ فنص الشافعي يدل على خلافه.
قال الشيخ: ولا بأس بموافقته إذا اقتضاه عرف، فأما بيت المدرس وشيخ الرباط .. فقد رأينا الناس يتسامحون في إعارة ذلك، فإذا اقتضاه العرف ولم يفت به غرض الواقف .. فلا بأس.
قال: وبلغني أن المصنف رحمه الله لما ولي دار الحديث بدمشق وبها قاعة للشيخ .. لم يسكنها وأسكنها غيره.
فرع:
سبق في (الإجارة): أنه لو شرط أن لا يؤجر إلا ثلاث سنين، فأجره الناظر ثلاثاً في عقد وثلاثا في عقد قبل مضي المدة الأولى .. عن ابن الصلاح: أنه لا يصح الثاني إلا إذا خرب ولم تمكن عمارته إلا بإيجار سنين، فإنه أفتى بجواز إجارته سنين في عقود متفرقة؛ لأن إتباع شرط الواقف في ذلك يؤدي إلى مخالفة مصلحة الوقف، وبذلك أفتى ابن رزين وجماعة من علماء عصره، ووافقهم الشيخ، والذي اعتقده عدم جواز ذلك؛ فقد رأيت بمكة وغيرها أوقافاً استؤجرت كذلك فتملكها أولاد مستأجريها وعرفت بهم، وخرجت عن مسمى الوقف.
قال:(وأنه إذا شرط في وقف مسجد اختصاصه بطائفة كالشافعية .. اختص)؛ رعاية لغرضه، وإتباعًا لشرطه، وقطعاً للنزاع في الشعائر، فلا يصلي فيه ولا يعتكف غيرهم، وما دام واحد منهم موجوداً .. فله منع الغير منه، لكن صرح القاضي في (كتاب الجزية) بكراهة ذلك.