قال الشيخان- تبعاً للإمام-: والخلاف لا يختص بالمسجد، بل يجري في انهدام شيء من الدار الموقوفة وانكسار أخشابها وفي إشرافها على الانهدام.
قال الشيخ: والحق أن ذلك لا يجوز؛ لعموم:(لا يباع ولا يورث)، قال: ومن أصعب الأشياء قو (الحاوي): وداره المنهدمة، فيظن الذي يراه أنه الذي عليه الفتوى ومعظم الأصحاب، ولم يقل به واحد منهم، فلا حول ولا قوة إلى بالله، ومع ذلك كله قد يسأل: لم فرض (الحاوي الصغير) الكلام في دار المسجد؟ وأي فرق بين الدار الموقوفة على المسجد والموقوفة على غير والرافعي أطلق ذلك؟ وقد يقول القائل: دار المسجد مستحقها المسجد، وهو شيء واحد حاجته الآن، فالمتصرف عليه نظره شامل، وأما الموقوف على بطون .. فالبطن الذي لم يأت بعد ليس للناظر تصرف عليه.
قال: وهذه المسألة عمت بها البلوى، وبحمد الله صان الله مذهب الشافعي رضي الله عنه فلم يقدر الله أن أحداً من الشافعية أقدم عليها، لكن غيرهم أقدموا وتوسعوا لفساد الزمان حتى فحش ذلك في هذا القرن الثامن بمصر والشام، ولم يسمع به في غيرهما من البلاد ولا قبل هذا الزمان، بل ما برحت الأوقاف مصونة لم يكن شيء من ذلك في القرون الثلاثة التي هي خير القرون، وفي حفظي قديماً من كلام مالك أنه قال: هذه الأوقاف عندنا بالمدينة داثرة لا يتعرض لها. اهـ
قال الإمام: وإذا جوزنا البيع .. فالأصح: صرف الثمن إلى جهة الوقف، وقيل هو كقيمة المتلف فيصرف إلى الموقوف عليه ملكاً على رأي، وإذا قيل به فقال الموقوف عليه: لا تبيعوها واقلبوها إلى ملكي .. لم يجب على المذهب، ولا تنقلب عين الموقوف ملكاً، وقيل: تنقلب ملكاً بلا لفظ.