قال ويرى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه شرط النظر في وقفه أن يليه ذوو الرأي والأسنان من أولاده وأولاد أولاده، فاختصم بعض أولاده وعلي بن الحسين ابن ابنه فيه إلى عبد الملك بن مروان، فقضى به لعلي بن الحسين؛ لأنه رأى أنه أولى من عمه وأنشد أبيات ابن الحقيق [من السريع]:
إنا إذا مالت دواعي الهوى .... وأنصت السامع للقائل
واختلج القوم بألبابهم .... نقضي بحكم عادل فاضل
لا يجعل الباطل حقاً لا .... يلفظ دون الحق بالباطل
نخاف أن تسفه أحلامنا .... فيخمل الدهر مع الخامل
قال:(وإلا) أي: وإن لم يشرط شيئاً (.. فالنظر للقاضي على المذهب)؛ لأنه يتعلق به حق الموقوف عليه ومن بعده، فصاحب النظر العام أولى بالنظر فيه.
وقيل: الواقف؛ لأن النظر والتصرف كان إليه، فإذا لم يصرفه عن نفسه .. كان على ما كان، ويتأيد بأن الأضحية المنذورة وإن زال الملك عنها .. فالتصرف فيها بالذبح، والتفرقة للناذر دون الحاكم.
وقيل: النظر للموقوف عليه؛ لأن النفع والفائدة له، كذا أطلق جماعة هذه الأوجه الثلاثة، وبناها بعضهم على أقوال الملك، فإن قلنا: إنه للواقف .. فالنظر له، وإن قلنا: لله تعالى .. فللحاكم، وإن قلنا: للموقوف عليه .. فله.
وذكر كثيرون أن النظر في حالة السكون للواقف من غير حكاية خلاف ولا بناء، فهذه ثلاثة طرق.
قال الرافعي: والذي يقتضي كلام المعظم الفتوى به أن يقال: إن كان الوقف على جهة عامة .. فالتولي للحاكم كما في الوقف على المسجد والرباط، وإن كان على شخص معين .. فكذلك إن جعلنا الملك لله تعالى، وإن جعلناه للواقف أو للموقوف عليه .. فالتولية كذلك.
قال ابن الرفعة: وهذا في الوقف الذي لا يضاهي التحرير، أما ما يضاهيه كالمقبرة والمسجد والرباط .. فالذي يقتضيه كلام الجمهور: أن النظر في ذلك