وفي (صحيح البخاري)[٢٥٦٨]: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو دعيت إلى كراع .. لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع .. لقبلت).
ولما ولي الحسن بن عمارة قاضي بغداد مظالم الكوفة، بلغ الأعمش فقال: ظالم ولي مظالما، فبلغ ذلك الحسن فأهدى إليه أثواباً ونفقة، فقال الأعمش: مثل هذا يصلح أن يولى علينا، يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا، ويعود على فقيرنا، فقال له رجل: يا أبا محمد؛ بالأمس تقول كذا واليوم تقول كذا؟ قال: حدثني حيثمة عن ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها) والأصح: وقفه على ابن مسعود.
وأجمعت الأمة على استحباب الهبة؛ لأنها سبب للتوادد والتحابب.
قال:(التمليك بلا عوض هبة) عبارة (الحوي الصغير): الهبة تمليك بلا عوض، عكس عبارة المصنف، وهي أحسن؛ فإن المحدث عنه الهبة، ولفظ التمليك يقتضي: أن الاختصاصات كجلد الميتة ونحوه لا هبة فيها، وهو الأصح هنا، وفي (الروضة) في (باب الأحداث) ما يخالفه.
وقوله:(بلا عوض) يخرج المعاوضات بلفظ الهبة، كما لو وهب بشرط ثواب معلوم .. فإنه يبيع على الأصح، وإذا أطلقت الهبة .. إنما تقع على غير ذات الثواب.
وحد ابن الرفعة وغيره الهبة بتمليك عين تبرعاً في الحياة؛ لأنه إذا حلف لا يهب فأوصى له .. لم يحنث في الأصح.
وقال الشيخ: لا حاجة إلى ذلك؛ لأن الميت لا يحنث إن سميناها هبة.