فَإِنْ دَفَعَهَا إِلَى الَقَاضِي .. لَزِمَهُ الْقَبُولُ, وَلَمْ يُوجِبِ الأَكْثَرُونَ التَّعْرِيفَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ, فَلَوْ قَصَدَ بَعْدَ ذَلِكَ خِيَانَةً .. لَمْ يَصِرْ ضَامِنًا فِي الأَصَحِّ,
ــ
الصحيحة, وفي هذه الحالة إذا لم يعرفها .. كانت مضمونة عليه, ولا تصير أمانة بالتعريف بعد ذلك.
قال: (فإن دفعها إلى القاضي .. لزمه القبول)؛ حفظاً لها على صاحبها؛ لأنه ينقلها من أمانة إلى أمانة هي أوثق منها, وهذا بخلاف الوديعة؛ فإنه لا يلزمه قبولها على الأصح, لأنه قادر على الرد على المالك وقد التزم الحفظ له, واللزوم لا يختص بهذه الحالة, بل من أخذ للتملك ثم بدا له فدفعها إلى الحاكم .. لزمه القبول.
هذا في القاضي الأمين, أما غيره .. فدفعها إليه إضاعة لها.
ويشكل على لزوم القبول ما رواه مالك عن ثابت بن الضحاك: أنه وجد بعيرًا ضالاً فأخبر به عمر فأمره أن يعرفه ثلاث مرات, فقال له ثابت: إنه قد شغلني عن ضيعتي, فقال عمر: (أرسله حيث وجدته) لكن حمله بعضهم على الضالة التي لا يحل التقاطها.
قال: (ولم يوجب الأكثرون التعريف والحالة هذه) أي: إذا قصد الحفظ, لأن التعريف إنما يجب لتحقق شرط التملك, وقال الإمام والغزالى: أظهر الوجهين وجوبه؛ لئلا يفوت الحق بالكتمان, وصحح في (شرح مسلم) مقالة الإمام, وقال في (الروضة): إنها الأقوى المختار.
نعم؛ يستثنى من ذلك لقطة الحرم؛ فلا يجري فيها هذا الخلاف, بل يجب تعريفها جزمًا كما سيأتى.
هذا إذا استدامها للحفظ, فإن بدا له أن يتملك .. فجزم الرافعي في أول الباب بأنه لابد من استئناف التعريف.
قال: (فلو قصد بعد ذلك خيانة .. لم يصر ضامنًا في الأصح) كما لا يصير المودع بذلك ضامنًا على المذهب.