والرابع: أن ما دون الدرهم قليل، والدرهم فما فوقه كثير؛ لما روي عن عائشة أنها قالت:(لا بأس بما دون الدرهم أن ينتفع به) كذا استدل به الرافعي وهو غريب.
فائدة:
قال الشيخ: استدل لعدم وجوب التعريف في الحقير بما روى الشيخان عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بتمرة في الطريق مطروحة فقال: (لولا أني أخشى أن تكون من تمر الصدقة .. لأكلتها) ومر ابن عمر بتمرة مطروحة في الطريق فأكلها.
وعن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إني لأدخل بيتي فاجد التمرة مطروحة على فراشي ولا أدري من تمر الصدقة أو من تمر أهلي فأدعها) رواه أبو داوود، وهذا ليس بلقطة، والأول هو الذي تكلم عليه الفقهاء، والاستدلال به جيد من جهة أن المانع من أكلها احتمال كونها صدقة وهو لا يأكل الصدقة، وإذا تأملناها .. وجدناها ليست لقطة؛ لأن اللقطة ما تؤخذ لتتملك بعوض، أو لتحفظ لصاحبها بسبب تطلعه إليه، وهذه ليست كذلك.
قال: وبهذا يندفع سؤال سمعته من شيخنا الحافظ شرف الدين الدمياطي عن قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز أنه قال: كيف لم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم التمرة والإمام يأخذ المال الضائع للحفظ؟
فأجاب بعض الناس بأنه إن ما في الحديث نفي الأكل، وقد يكون أخذها، وأنا أقول: إنما يأخذ المال الضائع الذي صاحبه متطلع إليه، أما ما هو معرض عنه .. فيترك لكل أحد يريد أخذه.