قال:(والعصبة: من ليس له سهم مقدر من المجمع على توريثهم) المراد: من ليس له سهم مقدر حال تعصيبه من جهة التعصيب؛ ليدخل الأب والجد والأخوات مع البنات، لأن لهم في حالة أخرى سهمًا مقدرًا.
واحترز بـ (المجمع على توريثهم) عن ذوي الأرحام؛ فإن من ورثهم لا يسميهم عصبات، لكن لا يأتي هذا على مذهب أهل التنزيل وهو المصحح كما تقدم؛ فإنهم ينزلون كلاً منزلة من يدلي به، وهم ينقسمون إلى ذوي فرض وعصبات.
واستدل لهذا الحكم بما روى البخاري عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي .. فهو لأولى رجل ذكر) وأورده الإمام والغزالي بلفظ: (فهو لأولى عصبة ذكر) وهو لا يعرف في رواية وإن ادعى الرافعي شهرتها، بل قال ابن الجوزي: لا يحفظ، والجمع بين رجل وذكر تأكيد، وقال السهيلي: إنه تابع لأولى لا لرجل.
والعصبة جمع عاصب، والعين والصاد والباء تدل على القوة والإحاطة من الجوانب، وعصبة الميراث من ذلك؛ لأنهم محيطون به ويتقوى بهم، لكن أطلق المصنف العصبة على الواحد وأنكره ابن الصلاح وغيره، وكل من ذكرنا من الرجال عصبة إلا الزوج، وكل من ذكرنا من النساء ذات فرض إلا المعتقة.
قال:(فيرث المال أو ما فضل بعد الفروض) ليس هذا من تتمة الحد كما اقتضاه كلام (الوسيط)، بل هو بيان لحكم العصبة بنفسه، أما الأخوات مع البنات .. فإن لهن في حالة أخرى سهمًا مقدرًا، ولكن مع البنات لا سهم لهن.