قال:(ولو مات متوارثان بغرق أو هدم أو في غربة معًا، أو جهل أسبقهما .. لم يتوارثا ومال كل لباقي ورثته) هذا هو المانع الرابع، وهو استبهام تاريخ الموت، وفي الحقيقة هو مانع من الحكم بالإرث، فجعل مانعًا من الإرث؛ لأنا إنما كلفنا بما نعلم، فإذا مات المتوارثان بهدم أو غربة أو معركة ولم يعلم السابق منهما .. لا توارث بينهما؛ لأن الله تعالى إنما ورث الأحياء من الأموات، وهنا لا تعلم حياة كل عند موت صاحبه فلم يرثه كالجنين إذا خرج ميتًا.
وأشار مالك في (الموطأ) إلى إجماع الصحابة فيه فروى عن ربيعة عن غير واحد من الصحابة: أنه لا يتوارث من قتل يوم الجمل ويوم صفين ويوم الحرة إلا من علم أنه مات قبل صاحبه، ورواه الدارمي في (مسنده) عن زيد بن ثابت، وفيه وفي (المستدرك) بإسناد صحيح: أن أم كلثوم بنت علي توفيت هي وابنها زيد ابن عمر ابن الخطاب في يوم فلم يدر أيهما مات قبل الآخر .. فلم ترثه ولم يرثها.
وقال أحمد: يرث كل من الآخر تليد ماله دون طريفه.
والمراد بالتليد: ما كان له، والطريف: ما ورثه.
وقوله:(متوارثان) ليس بحاصر؛ فإنه لو كان أحدهما يرث من الآخر دون عكسه كالعمة وابن أخيها .. فكذلك، والمسألة لها خمسة أحوال:
أحدها: أن يعرف ترتب موتهما وعين السابق منهما فيرث المتأخر المتقدم.
الثانية: أن لا يعلم هل تلاحق موتهما أو ماتا معًا.
الثالثة: أن يعلم ترتبهما لكن لم يعلم السابق.
الرابعة: أن يعلم وقوع موتهما معًا، ففي هذه الأحوال الثلاثة لا يرث أحدهما الآخر.
الخامسة: أن يعلم من سبق موته ثم ينساه .. فالمذهب: أن الإرث يثبت، ويوقف الميراث حتى يتبين الحال أو يصطلح ورثتاهما، وفيه وجه: أنه لا يرث أحدهما الآخر كما تقدم في الأحوال الثلاثة، واختاره الإمام وجزم به الغزالي، وهذه