وأما الأدب فعلمه وإن كان يستعان به في فهم الكتاب والسنة لكنه حاصل للمتقدمين بالطبع السليم، وللمتأخرين بالكسب من علوم اللغة، وإنما العلم النافع الذي يبقى بعد الموت.
قال:(وكذا متكلم عند الأكثرين)؛لأنه بدعة وخطر، وأهل العرف لا يعدون أهله علماء، ونقل العبادي في آخر (زياداته) ذلك عن النص.
وقال المتولي: المتكلم يدخل في علماء الشرع، قال الرافعي: وهو قريب، وللشيخ في ذلك كلام نفيس حاصله: أن العلم بالله وصفاته، وما يجب له وما يستحيل عليه؛ ليرد على المبتدعة، ويميز بين الاعتقاد الفاسد والصحيح، وتحقيق الحق ونصره .. فذلك من أجل العلوم الشرعية، والعالم به من أفضلهم، وتصرف له الوصية للعلماء والوقف عليهم.
ومن دأبه الجدال والشبه وخبط عشواء وتضييع الزمان فيه والزيادة عليه؛ بأن يكون مبتدعا، أو داعيا إلى ضلالة .. فذاك باسم الجهل أحق، وللشيخ رحمه الله كلام نفيس في ذلك سيأتي في أول (كتاب السير).
قال: وهكذا الصوفية منقسمون كانقسام المتكلمين، فإنهما من واد واحد؛ فمن كان مقصوده معرفة الرب سبحانه، وصفاته وأسمائه، والتخلق بما يجوز التخلق به منها، والتحلي بأحوالها، وإشراق الأنوار الإلهية عليه، والأحوال السنية لديه .. فذلك من أعلم العلماء لا محالة، ولذلك عد الغزالي في مقدمة (المستصفى) من العلم الديني علم الباطن أي: علم القلب وتطهيره من الأخلاق الذميمة.
قال الشيخ: ومن كان هؤلاء الصوفية المتأخرين كابن عربي وابن سبعين