ولا يبقى إلا التقوى، وأشير إلى ذلك بقوله تعالى:{عند الله}.
فإن قيل: التقوى من الأعمال، والعلم أشرف من العمل، فهلا قيل: الأكرم الأعلم؟ .. فالجواب: أن الأعلم هو الأتقى، وإنما ينفع العلم بالعمل، فكان ذكر الأتقى مستلزمًا لذكر الأعلم ومنبهًا لحصول نتيجة العلم ومقصوده من العمل.
قال:(ولا يثبت في الديوان أعمى ولا زمنًا ولا من لا يصلح للغزو)؛ إذ لا كفاية فيهم، ولا يثبت اسم صبي، ولا مجنون ولا امرأة ولا عبد لا ضعيف لا يصلح للغزو، وإنما يثبت الرجال المكلفين المستعدين للغزو، ومن شرطهم الإسلام بالاتفاق، واشترط الماوردي: أن يكون فيهم الإقدام على القتال ومعرفة به، قال: ويثبت الأخرس والأصم والأعرج إن كان يقاتل فارسًا لا راجلاً، ولا يثبت الأقطع، قال: وإذا كتبه في الديوان، فإن كان مشهور الاسم .. لم تحسن تحليته، وإن كان مغمورًا، أي: ليس بمشهور .. وصف وحلي بحيث يتميز عن غيره.
قال:(ولو مرض بعضهم أو جن ورجي زواله .. أعطي) ولو طال مرضه؛ لئلا يرغب الناس عن الجهاد.
قال:(وإن لم يرج .. فالأظهر: أنه يعطى)؛ لما ذكرناه، ولكن يقطع اسمه من الديوان.
والثاني: لا يعطى؛ لأنه ليس من المقاتلين، والمراد: أنه يعطى كفايته وكفاية عياله اللائقة به في الحالة الراهنة.
ويسقط من الديوان اسم من لم يرج زوال عذره، بخلاف المرجو.
قال:(وكذا زوجته وأولاده إذا مات)؛ لئلا يشتغل المجاهدون بالكسب خشية ضياع أولادهم فيتعطل فرض الجهاد.
وفي معنى الأولاد: من تجب نفقته كالوالدين وإن كانوا من أهل الذمة؛ لأن المقاتل هو الذي يأخذ، بخلاف ما سيأتي في زوجته الذمية بعده؛ لأنها عطية لها مبتدأة فمنعت هذا الذي يظهر في المسألتين.