وقال الشعبي: أعياني أن أعلم المحروم منذ سبعين سنة، قال ابن عطية: الشعبي في هذه المسألة محروم.
فإن قيل: المدحة بالإعطاء لا يكون الحق في المال فإنه حاصل في كل ما أمر به وإن لم يخرج .. فالجواب: أنه قد أشير إلى أنهم قد جعلوا ما يعطونه ويتبرعون به على السائل والمحروم حقًا ثابتًا في أموالهم مستقرًا، وجعلوا أموالهم ظرفًا له، والظرف لا يراد إلا للمظروف، فكأنهم لم يريدوا المال إلا لحق السائل والمحروم.
وأضاف الأموال إليهم ولم يضف الرزق إليهم في قوله:{أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ}؛ لأن المقصود هناك الحث على الإنفاق والمقصود هنا الثناء عليهم بما فعلوه، فحسنت الإضافة إليهم هاهنا، والإضافة إلى الله ثم.
وفي القديم: يشترطان؛ لأنه إذا سأل .. أعطي، وإذا لم يكن زمنًا .. كان له نوع كسب، فيكون مسكينًا لا فقيرًا.
و (الزمانة) بفتح الزاي: العاهة والآفة، ورجل زمن؛ أي: مبتلى، ويطلق على كل داء ملازم يزمن الإنسان فيمنعه من الكسب كالعمى والشلل، وقد يسمى الأخرس زمنًا وكذلك الأصم وقد يكتسبان، وما أحسن قول شيخنا الشيخ جمال الدين ابن نباتة رحمه الله تعالى [من الخفيف]:
سألتني مثيلة القمرين .... كيف حالي فقلت يا نور عيني
زمن اللهو والشباب تلاه .... زمن في اللسان والركبتين