أما العاصي بسفره كقاطع الطريق والهارب من حق لزمه وهو قادر عليه .. فلا يعطى قطعًا، لكن قال أبو إسحاق: يعطى سد رمقه في الحال لا ما يسافر به إلا أن يبقى منقطعًا به، ويعطى في الرجوع إلى وطنه، ويحتمل أن لا يعطى سد الرمق حتى يتوب كقول الجويني في الميتة، ويقال له: تب وكل.
وألحق الإمام بسفر المعصية السفر لا لقصد صحيح كالهائم, ويوافقه ما في (فتاوى القفال): أنه لا يجوز صرف سهم ابن السبيل إلى الصوفية؛ لأن سفرهم لا غرض فيه.
وإطلاق المصنف يقتضي: أنه يعطى وإن كان قادرًا على الكسب, وحكاه في (شرح المهذب) عن الأصحاب, وهو خلاف ما سبق في الفقير والمسكين من تنزيل الكسب منزلة المال, وكأنهم لم يعتبروه هنا لضرورة الاشتغال بالسفر.
قال الشيخ: وإطلاقهم يقتضي: أنه لا فرق في ابن السبيل بين أن يكون مقصده مسافة القصر أو دونها, وسموه في أحد قسميه غنيًا في بلده, وذكروا في الفقير: أنه لا يسلبه اسم الفقر كون ماله في مسافة القصر, وبين الإطلاقين اختلاف في تسمية ذاك فقيرًا وهذا غنيًا.
فروع:
من عليه زكاة: ليس له أن يساقط من له عليه دين من زكاته, وفيه وجه: أنه يجوز, وبه قال الحسن وعطاء.
ولو قال رب الدين للمدين: أعطني هذا الدينار الذي معك في ديني حتى أرده عليك من زكاتي فأداه إليه .. وقع عن الدين قطعًا, ويتخير الآخذ بين أن يرده عليه من الزكاة أم لا.
ولو قال المديون له: أعطني دينارًا من زكاتك حتى أقضي به دينك ففعل .. أجزأ