هذا في النكاح الصحيح، فلو أنكحها فاسدًا ثم باعها ووطئها الزوج .. فمهر مثلها للمشتري؛ لأنه وجب بالوطء الواقع في ملكه، وإن وطىء قبل البيع .. فهو للبائع، وكذلك إذا فوضها ثم جرى الفرض أو الدخول بعد البيع .. فالمفروض أو مهر المثل للمشتري على الأصح؛ لوجوبه في ملكه.
فائدة:
علم من كلام المصنف دوام النكاح مع البيع، وأنه لا يكون طلاقًا، وهي مسألة اختلف الصحابة فيها إذا كان المشتري غير زوجها، فقال ابن عباس وابن مسعود وأبي بن كعب وأنس وجابر وآخرون: إن بيعها طلاق، واحتجوا بقوله تعالى:{وَالْمُحْصَنَتُ مِنَ النِسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَنُكُمْ} فيقتضي أن كل مزوجة ملكتها يمينتا تحل لنا، ومن ضرورة ذلك انفساخ نكاح زوجها بملكنا إياها.
وتعجب الناس من ابن عباس كيف يقول بذلك وهو يروي حديث بريرة؟! ويعلم أن نكاحها استمر قطعًا حتى اختارت نفسها بنص النبي صلى الله عليه وسلم، حتى قال ابن خزيمة: إن الشخص قد يكون عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء ويغفل عنه فيقول بخلافه، وحاول الناس الاعتذار عنه بأنه إنما يقول ذلك إذا اشتراها رجل بحيث يدخل في ذلك، وهو اعتذار حسن إن كان مذهب ابن عباس يوافقه.
والأكثرون قالوا: لا يكون بيع الأمة المزوجة طلاقًا ولا فسخًا، وممن قال ذلك عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعامة أهل العلم مستدلين بحديث بريرة، واستمرار نكاحها حتى اختارت نفسها، وحملوا المحصنات التي ملكت أيماننا في الآية الكريمة على المسبيات إذا ملكناهن .. انفسخ نكاح أزواجهن الكفار.
وفرق الإمام بين هذه والمسبية بأن السبي يغير صفتها، وهذه لم تتغير صفتها وإنما تبدل المالك، وفرق غيره بأن السبي يزيل ملك الكافر فأزال نكاحه.
قال:(فإن طلقت قبل الدخول .. فنصفه له)؛ لأنه ملكه بالعقد المتقدم في ملكه.