واحترز بقوله:(ونحوها) عما لا إشعار له بالطلاق ككلي واشربي، فلا يقع به طلاق وإن نواه؛ لأن مثل ذلك لا يعبر به عنه، وعما إذا أضاف إلى الكناية ما يدل على المراد كقوله: أنت بائنة بينونة لا تحلي لي أبداً .. فإنه لا يخرجه بذلك عن الكناية، بخلاف ما تقدم في (الوقف) أنه إذا قال: تصدقت بكذا .. كان كناية فإن زاد: لا يباع ولا يوهب .. فالأصح: صراحته.
وعلم من إطلاق المصنف أن الكنايات لا تلحق بالصرائح بسؤال المرأة الطلاق، ولا بقرينة اللجاج والغضب؛ لأن اللفظ محتمل في نفسه، وقد يقصد المتكلم باللفظ خلاف ما تشعر به القرينة، وألحق مالك وأحمد الكنايات بالصرائح بذلك.
قال:(والإعتاق كناية طلاق وعكسه)؛ لأن كلاً منهما وضع لإزالة الملك فناب أحدهما مناب الآخر، فصريح العتق كناية في الطلاق بلا خلاف.
وأما صرائح الطلاق وكناياته .. فهي عندنا كناية في العتق، فإذا قال لأمته: أنت طالق أو طلقتك ونوى العتق .. عتقت، خلافاً لأبي حنيفة إلا في قوله: لا ملك لي عليك، أو لا سلطان؛ فإنه يوافق على أنهما كناية في العتق.
ويستثنى لفظ الاعتداد واستبراء الرحم فلا يعتق بهما العبد؛ لاستحالة معناهما في حقه بخلاف الأمة، وكذلك يستثنى إذا قال لعبده أو أمته: أنا منك حر، أو أعتقت نفسي ونوى العتق .. فالأصح: لا عتق بخلاف الزوجة؛ لأن الزوجية تشمل الجانبين، بخلاف الرق؛ فإنه يختص بالمملوك.
ولو وكل سيد الأمة زوجها في عتقها فطلقها أو أعتقها وقال: أردت به الطلاق والعتق معاً .. وقعا ويصير كإرادة الحقيقة والمجاز باللفظ الواحد.
قال:(وليس الطلاق كناية ظهار وعكسه)؛ لأن كل واحد منهما وجد نفاذاً في موضوعه فلا يعمل في غيره بالنية.