وضابطه: ان ينوي ما لو صرح به .. لقبل ولم يقع الطلاق، وليس منحصراً في أن ينوي غيرها كما توهمه عبارة المصنف.
وأصل (التورية) من وراء، كأنه جعل البيان وراء ظهره وأعرض عنه.
قال:(وقيل: إن تركها بلا عذر .. وقع)؛ لإشعاره بالاختيار.
والأصح: المنع؛ لأنه مجبر على اللفظ، ولا نية له تشعر بالاختيار، فإن ترك التورية لدهشة أو نحوها .. فلا تؤثر قطعاً واندفع الطلاق.
فرع:
أمسك السلطان شخصاً بسبب غيره وطالبه به فقال: لست من أزليائه، أو لا أعرف موضعه، أو طلب منه مالاً فقال: ليس عندي شيء فلم يتركه حتى يحلف بالطلاق فحلف كاذباً .. قال القفال وغيره: يقع الطلاق؛ لأنه لم يكرهه، بل هو متوصل به إلى دفع الطلب عنه، بخلاف ما إذا قال له اللصوص: لا نتركك حتى تحلف بالطلاق أنك لا تذكر ما جرى أو لا تخبر بنا أحداً فحلف ثم أخبر بما جرى لا يقع؛ لأنهم أكرهوه على الحلف بالطلاق.
قال الروياني: والفتوى عندي أنه يحلف ويوري ولا يقع الحنث.
قال:(ومن أثم بمزيل عقله من شراب أو دواء .. نفذ طلاقه وتصرفه له وعليه قولاً وفعلاً على المذهب)؛ لما قدم أن شرط المطلق التكليف إلا السكران أخذ في بيان ذلك، فمن تعدى بتعاطي ما يزيل عقله من مسكر أو دواء مجنن أو غير ذلك كإلقاء نفسه من شاهق .. وقع طلاقه؛ لأنه عاص بسبب الزوال فيجعل كأنه لم يزل، ويكون كالصاحي، ويجعل زوال العقل لكونه تعدى كعدم الزوال.
أما السكران .. فلما تقدم في أول الباب من إجماع الصحابة عليه، واستدل له الشافعي بحديث:(رفع القلم عن ثلاث) قال: والسكران ليس في معنى واحد من هؤلاء، وبأنه يجب عليه قضاء الصلاة والصوم وغيرهما، والقلم غير مرفوع عنه بخلاف المجنون.