عليه حد الزنا والقذف، وتقدم حد القذف؛ لأنه حق آدمي، فإن رجع .. سقط حد الزنا دون حد القذف.
قال:(ولو قال لزوجته: يا زانية، فقالت: زنيت بك أو أنت أزنى مني .. فقاذف وكانية) أما كونه قاذفًا .. فلأنه أتى بلفظ الصريح، وأما هي فليست بمصرحة؛ لأن الجواب محتمل، فإن أرادت حقيقة الزنا وأنها زنت قبل النكاح .. فهي مقرة على نفسها مصدقة للزوج وقاذفة له، وإذ أرادت أنها زنت ولم يزن هو .. كأنها تقول: زنيت بك قبل النكاح وهو مجنون أو نائم .. فيسقط عنه حد القذف ويثبت عليها حد الزنا بإقرارها ولا تكون قاذفة، ولو قالت: أردت أني لم أزن لأني لا يجامعني غيره، وإنما يجامعني هو في النكاح، فإن كان ذلك زنًا .. فهو زان أيضًا، فتصدق بيمينها ولا حد عليها وعلى الزوج حد القذف، فإن نكلت .. حلفت واستحق حد القذف.
وأما قولها:(أنت أزنى مني) .. فليس بقذف إلا أن تريده؛ لاحتمال أن تريد أنه أهدي إلى الفجور وأحرص عليه منها، أو أنه لم يجامعها غيره فإن كانت زانية .. فهو أزنى منها.
قال:(فلو قالت: زنيت وأنت أزنى مني .. فمقرة وقاذفة) سواء قالته جوابًا له أو مبتدئة؛ لأن كلمة المبالغة وإن كانت تقتضي الاشتراك في الأصل والاختصاص بالزيادة ولكن قولها:(أنت أزنى مني) خارج مخرج الذم والمشاتمة، ومثل ذلك لا يحتمل في وضع اللسان كما في قوله تعالى حكاية عن يوسف إذ قال لإخوته:{أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا}.
ولو قال لغيره: أنت أزنى الناس أو أزنى من الناس أو يا أزنى الناس .. لم يكن قاذفًا إلا أن يريده، كذا نص عليه الشافعي والأصحاب وخالفهم صاحب (الحاوي: فقال: الصحيح أنه قذف صريح، وأما الجمهور فقالوا: هذا ظاهرة نسبة الناس كلهم إلى الزنا وأنه أكثر زنًا منهم، وهذا متيقن البطلان، قالوا: فلو فسو وقال: أردت ذلك .. لم يكن قذفًا: لتحقق كذبه.