الرضعة الخامسة ... لا تحريم، وهو المنصوص في (الأم) وغيرها، وصحح الشيخان خلافه.
قال:(وخمس رضعات)؛ لما روى مسلم [١٤٥٢] عن عائشة قالت: (كان فيما أنزل الله: (عشر رضعات محرمات) فنسخن بـ (خمس معلومات) فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن) أي: يتلى حكمهن أو العمل بهن، وهذا يدل على قرب النسخ، حتى إن من لم يبلغه النسخ كان يقرؤها.
وأورد في (شرح مسلم): أن هذا لا حجة فيه؛ لأن القرآن لا يثبت بخبر الواحد، ولم يجب عنه، وأجاب عنه إلكيا الطبري بأن القرآن وإن لم يثبت بخبر الواحد لكن يثبت حكمه والعمل به، والأحسن الاستدلال بحديث سالم؛ فإن فيه تخصيص الرضعات بخمس، وهو محل ضرورة، فلو حصل ما دونه ... لذكره.
وفي (صحيح مسلم)[١٤٥٠] عنها رضي الله عنها: (لا تحرم المصة ولا المصتان).
وفي وجه: إثبات التحريم برضعة كمذهب أبي حنيفة ومالك رضي الله عنهما.
وفي ثالث- اختاره ابن المنذر وجماعة-: بثلاث كمذهب أبي ثور.
وعن أحمد روايتان كالمذهبين، فلو حكم قاض بالتحريم بأقل من خمس رضعات ... لم ينقض حكمه، خلافًا للإصطخري.
وقوله:(خمس رضعات) مراده: وما في حكمهن من الجبن والزبد وغيرهما مما يتخذ منه.
والحكمة في كون التحريم بخمس: أن الحواس خمس وهي أسباب الإدراك، فلم يحصل له علم باطن بغيرها، والرضاع أمر يظهر تأثيره في الباطن من إنتشار العظم وإنبات اللحم، فكانت الخمس حينئذ مؤثرة في ذلك.
فإن قيل: من قاعدة الشافعي الأخذ بأقل ما قيل ... فلم أخذ هنا بالأكثر؟ فالجواب: أنه إنما يأخذ بالأقل إذا لم يجد دليلًا سواه، وهنا السنة نصت على الخمس فلم يعدل عنها.