وَلاَ قِصَاصَ إِلاَّ فِي الْعَمْدِ, وَهُوَ: قَصْدُ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا؛
ــ
ثم القصاص لا يختص بالنفس بل يجري في الأطراف كما سيأتي, فلو قال: الجناية .. كان أشمل.
ودليل كون القتل ثلاثة: ما روى أبو داوود [٤٥٣٦] والنسائي [٨/ ٤١] وابن ماجه [٢٦٢٧] وابن حبان [٦٠١١] والشافعي [ام ٦/ ١٠٥ واللفظ له] عن سفيان بن عيينة, عن علي بن زيد بن جدعان, عن القاسم بن ربيعة, عن عبد الله بن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا إن في قتيل عمد الخطأ قتيل السوط أو العصا مئه من الإبل مغلظة؛ منها: أربعون خلقة في بطونها أولادها).
وروى البيهقي [٨/ ٤٤] عن محمد بن خزيمة أنه قال: حضرت مجلس المزني يومًا فسأله رجل من العراق عن شبه العمد فقال: إن الله وصف القتل في كتابه بصفتين: عمد وخطأ, فلم قلتم: إنه ثلاثة أصناف؟! فاحتج المزني بهذا الحديث, فقال المناظر: أتحتج علي بعلي بن زيد بن جدعان, فسكت المزني, فقلت للمناظر: قد رواه جماعة غيره, منهم: أيوب السختياني وخالد الحذاء, فقال للمزني: أنت تناظر أم هذا؟ فقال: إذا جاء الحديث .. فهو يناظر؛ لأنه أعلم به مني, ثم أتكلم.
قال: (ولا قصاص إلا في العمد) سواء مات في الحال أو بعده بسراية تلك الجراحة؛ لقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ اَلقِصَاصُ فِي اَلْقَتَلَىَ}.
وقوله: {وَكَتَبَنَا عَلَيِهم فِيهَا أَنَّ النَّفسَ باِلنَّفِس} الآية.
وقد ورد في شرعنا تقريره, فقال صلى الله عليه وسلم لما كسرت ثنية الربيع: (كتاب الله القصاص) , ولهذا أدخله البخاري [٤٥٠٠] في تفسير (سورة المائدة) , وإنما لم يجب في شبه العمد؛ للحديث المذكور قبله, ولا في الخطأ؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيِرُ رَقَبَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ أِلَى أَهْلِه} , فأوجب الدية ولم يتعرض للقصاص.
قال: (وهو: قصد الفعل والشخص بما يقتل غالبًا) ,هذه عبارة الجمهور,