انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود إلى خيبر- وهي يومئذ صلح- فتفرقا، فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلًا فدفنه، ثم قدم المدينة، فانطلق عبد الرحمن بن سهل وحويصة ومحيصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب عبد الرحمن يتكلم، فقال:(كبر كبر)، وهو أحدث القوم، ثم سكت، فتكلما، فقال:(أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟) قالوا: وكيف نحلف ولم نشهد ولم نرَ؟ قال:(فتبرئكم يهود بخمسين يمينًا) قالوا: كيف نأخذ بأيمان قوم كفار؟ فعلقه النبي صلى الله عليه وسلم من عنده.
فاللوث هو المعتمد في القسامة، وهو الذي خالفت به سائر الدعاوى؛ فإن في جميعها اليمين من جانب المدعى عليه، وههنا لوجود اللوث ... انتقلت اليمين إلى جانب المدعي.
و (اللوث) بإسكان الواو مشتق من التلويث، وهو: التلطيخ، يقال: لوث ثيابه بالطين، أي: لطخها، كأ، عرض المتهم تلوث بنسبة القتل إليه.
ويحتمل أنه مشتق من لاث العمامة على رأسه: إذا أدارها، فكأن اللوث يلوي الظن إلى تهمة هذا الشخص.
وأما في الاصطلاح .. فهو الذي ذكره المصنف.
وأشار بقوله:(في القتل) إلى تخصيص القسامة بالنفس، فلا قسامة فيما دونها ولا في المال كما سيأتي.
قال:(وهي قرينة لصدق المدعي) صورة القسامة: صورة القسامة: أن يوجد قتيل لا يعرف قاتله ولا بينة، ويدعي وليه قتله على شخص أو جماعة، وتوجد قرينة تدل على صدقه، فيحلف وارثه على ما يدعيه، ويحكم له بما سنذكره إن شاء الله تعالى، وبهذا قال مالك وأحمد.
وقال أبو حنيفة: لا عبرة باللوث ولا ببدء يمين المدعي، والحديث حجة عليه.