قال الرافعي: وبه يشعر قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي: (ثم اركع حتى تطمئن راكعًا)، وهو خلاف لفظي، وزاد بعضهم الموالاة، وبعضهم نية الخروج، وبعضهم استقبال القبلة.
ونقص الغزالي النية، فجعلها بالشروط أشبه، وعدها في الصوم ركنًا؛ لأنها هنا صفة للأفعال فكانت كالطهارة، وأما الصوم .. فترك، فلا يحسن أن تكون وصفًا له، ولذلك لا تعتبر في سائر التروك، ولولا الخبر لما اعتبرت في الصوم.
قال:(النية)؛ لقوله تعالى:{وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين}. قال الماوردي: والإخلاص في كلامهم: النية. وقوله صلى الله عليه وسلم:(إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى). ولأن الصلاة قربة محضة، فلا تصح بغير نية كالصوم، وأجمع الأمة على اعتبار النية في الصلاة. وبدأ بها، لأن الصلاة لا تنعقد إلا بها.
قال:(فإن صلى فرضًا .. وجب قصد فعله وتعيينه) أي: فعل الصلاة، وتعيين كونها ظهرًا أو عصرًا؛ ليتميز بالأول عن سائر الأفعال، وبالثاني عن سائر الصلوات؛ لأن النية شرعت لتمييز العبادة عن العادة كما في القسم الأول، أو لتمييز مراتب العبادة كما في الثاني، وكان الصواب أن يقول: قصد فعلها وتعيينها بضمير المؤنث ليعود على الصلاة؛ إذ لا يمكن عوده على الفريضة؛ لأن قصد الفرض سيأتي.
قال الرافعي: ولا يكفيه أن يحضر نفس الصلاة بباله مع الغفلة عن الفعل.
ولو اقتصر على نية فرض الوقت .. لم يكف في الأصح؛ لاحتمال أنه ذكر حينئذ فائتة. ولا تصح الظهر بنية الجمعة على الصحيح، وتصح الجمعة بنية الظهر المقصورة إن قلنا: إنها كذلك.