وَلَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ مَالٍ, وَيَجِبُ عَنْ بُضْعٍ,
ــ
قاتلني؟ قال: (فاقتله) قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: (أنت شهيد) قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: (هو في النار).
ولأنه مأمور بدفعه, وفي الأمر بالقتال والضمان منافاة, والمعنى فيه: أنه أبطل حرمة دمه بإقدامه.
فإن قيل: قال صلى الله عليه وسلم: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث) وليس هذا منها .. فالجواب: أن المباح هنا ليس القتل بل الدفع, فإن أدى إلى القتل .. فهو سراية متولدة من فعل مباح من غير قصد إلى القتل, أو معنى الحديث: لا يحل قتله صبرًا.
فرع:
صالت حامل على إنسان فدفعها فألقت جنينها ميتًا .. فالأصح: لا يضمنه, كما لو تترس المشرك في القتال بمسلم واضطر المسلم إلى الرمي فقتله, ومن هذا يعلم أن دفع الحامل كدفع غيرها, ويشبه أن يخرج على تترس المشركين بالصبيان, وسيأتي نظيرها في الهرة الحامل أنا أتلفت طيرًا ونحوه.
قال: (ولا يجب الدفع عن مال) أي: لنفسه؛ فإنه تجوز إباحته للغير.
هذا في الجماد, أما الحيوان .. فالرقيق المعصوم كالحر, وكذا غيره من الحيوان كما قاله البغوي, فيجب الدفع عنه ما لم يخش على نفسه؛ لحرمة الروح.
قال: (ويجب عن بضع) لأنه لا سبيل إلى إباحته, وظاهر كلام الرافعي وغيره: أنه لا خلاف فيه, وشرط البغوي والمتولي للوجوب: أن لا يخاف على نفسه.
وفي (سنن البيهقي) [٨/ ٣٣٧]: أن امرأة خرجت تحتطب فتبعها رجل فراودها عن نفسها فرمته بفهر فقتلته, فرفع ذلك لعمر فقال: (فقيل الله, والله لا يودى هذا أبدًا) ولم يخالفه أحد, فكان إجماعًا.