الغنم بالليل ولا يضمن ما أفسدت بالنهار، وتأول هذه الآية:{وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} وكان يقول: النفش بالليل والهمل بالنهار، وأتي بشدة أكلت عجينًا وبشاة أكلت غزلًا .. فقضى فيهما بالضمان ليلًا لا نهارًا.
أما في القرى العامرة والبلدان المتجاورة التي لا يمكن المرعي إلا في ساقية أو نهر بين المزارع ونحو ذلك .. فالأصح: أنه لا يجوز إرسالها نهارًا وعلية ضمان ما أتلفته، وقيل: لا يضمن؛ للخبر، وهذا وارد على إطلاق المصنف.
وإنما افترق الحال بين الليل والنهار؛ لأن العادة أن أصحاب الزرع والبساتين يحفظونها نهارًا، والعادة في البهائم حفظها ليلًا.
قال الإمام: ولم يعلقوا الضمان برقية البهائم كما علقوها برقية العبد؛ لأن الضمان فيما تتلفه البهيمة محال على تقصير صاحبها، والعبد ذو ذمة ملتزمة.
ولو جرت عادة بلد بحفظ الهذارع ليلًا والمواشي نهارًا .. انعكس الحكم في الأصح، فيضمن ما أتلفته نهارًا لا ليلًا.
قال:(إلا أن [لا] يفرط في ربطها)؛ بأن ربطها وأغلق الباب واحتاط على العادة ففتح الباب لص أو أنهدم الجدار فخرجت ليلًا .. فلا ضمان؛ لعدم التقصير منه، وعلي هذه ونحوه حمل قوله صلى الله عليه وسلم:(العجماء جرحها جبار) كما هو في الصحيحين) وغيرهما.
و (العجماء) البهيمة، سميت بذلك؛ لأنها لا تتكلم.
و (الجُبَار) الهدر الذي لا شيء فيه.
قال:(أو حضر صاحب الزرع وتهاون في دفعها)؛ لتفريطه.
قال:(وكذا إن كان الزرع في محوط له باب تركه مفتوحًا في الأصح)؛ لأنه مقصر بفتح الباب.