بالصبر على أذى المشركين، قال تعالى:{لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} الآية، ثم بعد الهجرة أذن الله تعالى لهم في القتال إذا ابتدأهم المشركون به، فقال:{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ}.
ثم أباح البداءة به في غير الأشهر الحرم بقوله:{فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} الآية.
ثم في السنة الثامنة بعد الفتح أمر به من غير تقييد بشرط ولا زمان، فقال تعالى:{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} الآية، وقال:{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً}، فأمر بقتال جميع الكفار، وهذه أية السيف، وقيل: الآية التي قبلها، وقيل: هما وقوله: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} الآية، فالآيات الثلاث نسخت كل موادعة في القرآن، وهي مئة وأربع عشرة آية.
وسميت آية السيف؛ لآن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث خالد بن الوليد يوم الفتح .. قال:(احصدهم بالسيف حتى تلقاني على الصفا)، وكذلك قال صلى الله عليه وسلم لخالد:(أنت سيف من سيوف الله سله الله على الكفار والمنافقين.
قال: (وقيل: عين)؛ بقوله تعالى:{إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} وعلى هذا: من تخلف كان يحرس المدينة، وهو نوع جهاد.
وأجاب الأول بأن الوعيد لمن عينه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لتعين الإجابة، أو عند قلة المسلمين وكثرة المشركين.
وصحح الماوردي: أنه كان فرض عين على المهاجرين، وكفاية على غيرهم. وقال السهيلي: كان فرض عين على الأنصار دون غيرهم؛ لأنهم بايعوا عليه، قال شاعرهم [من الرجز]:
نحن الذين بايعوا محمدا .... على الجهاد ما بقينا أبدا
وقال الشيخ: كان فرض عين في الغزوات التي خرج فيها النبي صلى الله عيه وسلم بنفسه، وفي غيرها فرض كفاية.