للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُسَنُّ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أِنْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ

ــ

فإذا جاز للواحد أن يقدم على من الأغلب أنهم يقتلونه .. كان هذا في الغير وبغير إذن الإمام أولى.

ومقتضى إطلاق المصنف وغيره: أنه لا فرق بين المرتزقة وغيرهم، والظاهر: أنه مخصوص بالمتطوعة، أما المرتزقة .. فليس لهم الخروج بغير إذن الإمام؛ لأنهم مرصدون لمهمات تعرض للإسلام يصرفهم الإمام فيها على مقتضى نظره فيهم بمنزلة الأُجراء،

قال: (ويسن إذا بعث سرية أن يؤمِّر عليهم)؛ لما روى مسلم [١٧٣١] عن بريدة بن الحصيب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرًا قال: (اغزوا باسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله).

وجعل ابن سريج التأمير في الجهاد واجبًا؛ لأن تركهم فوضي يؤدي إلى اختلاف كلمتهم وتنازعهم، ولأن العدو إنما يفزع من رئيس القوم، فإذا لم يكن فيهم زعيم حصل الطمع فيهم.

قال في (الأم) ولا ينبغي أن يولي الإمام الغزو إلا ثقة في دينه، شجاعًا في بدنه حسن الأناة، عارفًا بالحرب، غير عجل ولا نزق، شجاعًا يثبت عند الهرب، ويتقدم عند الطلب، وأن يكون ذا رأي في السياسة والتدبير؛ ليسوس الجيش على اتفاق الكلمة والطاعة وتدبير الحرب في انتهاز الفرصة، وأن يكون من أهل الاجتهاد في أحكام الجهاد.

وفي اعتبار كونه من أهل الاجتهاد في الأحكام الدينية وجهان.

و (السرية) قطعة من الجيش أربع مئة ونحوها ودونها، وجمعها: سرايا، سميت بذلك؛ لأنها تسري في الليل، وقيل: لأنها خلاصة العسكر وخياره.

روى ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الأصحاب أربعة، وخير السرايا أربع مئة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن يغلب اثنا عشر ألفًا من قلة) كذا رواه الترمذي [١٥٥٥] وأبي داوود [٢٦٠٤]، زاد أبو يعلي الموصلي [٢٧١٤]: (إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>