للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمُسْلِمُ بِدَارِ الْكُفْرِ إِنْ أَمْكَنَهُ إِظْهَارُ دِينِهِ .. اسْتُحِبَّ لَهُ الْهِجْرَةُ، وَإِلَّا .. وَجَبَتْ إِنْ أَطَاقَهَا

ــ

قال: (والمسلم بدار الكفر إن أمكنه إظهار دينه)؛ لكونه ذا عشيرة يحمونه ولم يخف فتنة في دينه) .. استحب له الهجرة)؛ لئلا يكثر سوادهم أو يميل إليهم أو يكيدوا له، وإنما لم تجب؛ لقدرته على إظهار دينه، ولهذا بعث النبي صلى الله عليه وسلم عثمان يوم الحديبية إلى مكة؛ لقوة عشيرته، ولأن الله تعالى لما أوجبها على المستضعفين .. دل على أنها لا تجب على غيرهم.

وفي وجه: تحرم الإقامة؛ لعموم ما سيأتي من الأحاديث، ولأنه بينهم ذليل وإن كفوا عنه، ولا يأمن أذاهم.

وقال الماوردي: إن رجا ظهور الإسلام هناك بمُقامه .. فهو أفضل، وإن قدر على الامتناع والاعتزال .. وجب أن يقيم؛ لأن موضعه دار إسلام، فيحرم أن يصيرها باعتزاله عنها دار حرب.

فإن تساوى حاله في المُقام والهجرة .. تخيَّر بينهما.

ولا فرق في وجوب الهجرة بين الرجل والمرأة وإن لم تجد محرمًا، ولم يقيدوه بحالة الأمن، والظاهر: أنه مقيد بها.

قال: (وإلا .. وجبت إن أطاقها)، وتحرم عليه الإقامة؛، مع قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها) روا أبو داوود [٢٤٧١] والنسائي [سك ٨٦٥٨].

وفي (سنن أبي داوود) [٢٦٣٨] و (الترمذي [١٦٠٤]: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين).

وأما حديث ابن عباس في (الصحيحين) [خ ١٨٣٤ - م ١٣٥٣]: (لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية) ففي معناه قولان:

أحدهما: لا هجرة كاملةُ الفضلِ كالتي قبل الفتح.

والثاني: لا هجرة من مكة؛ لأنها صارت دار إسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>