وَلَوْ خَافَ خِيَانَتَهُمْ .. فَلَهُ نَبْذ عَهْدِهِمْ إِلَيْهِم وَيُبَلِّغُهُمُ الْمَامَنَ، وَلَا يَنْبُذُ عَقْدَ الذِّمَّةِ بِتُهَمَةٍ .. وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمَةٍ تَاتِينَا مِنْهُمْ
ــ
قال: (ولو خاف خيانتهم .. فله نبذ عهدهم إليهم) , لقوله تعالي: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} الآية, ويخالف عقد الذمة حيث لا يجوز نبذه بالتهمة كما سيأتي, لأنهم في قبضة الإمام, فمتي تحققت خيانتهم .. أمكنه تداركها, بخلاف أهل الحرب.
وفي قول: لا ينبذ كالجزية, وقول: إنه ينبذ عقد الذمة أيضاَ.
تنبيهان:
أحدهما: لا يكتفي بمجرد الخوف, بل لا بد من أمارة تدل عليه, فلو لم تظهر أمارة يخاف بسببها .. لم يجز نبذ العهد ولا اعتبار بالوهم المجرد, ونص عليه, وجزم به الماوردي والقاضي أبو الطيب وغيرهما.
الثاني: اعتبر ابن الرفعة في النقض حكم الحاكم, لأنه يحتاج إلي نظر واجتهاد, وبه صرح الماوردي, فلا ينتقض بنفس الخوف, بل لا بد من الحكم به.
قال: (ويبلغهم المأمن) أي: يلزمه ذلك وفاء بالعهد, ولأن العقد لازم قبل ذلك كما صرح به الأصحاب.
قال: (ولا ينبذ عقد الذمة بتهمة) كما تقدم, والفرق بينهما: أن عقد الذمة آكد, لأنه مؤبد ولأنه معارضة.
قال: (ولا يجوز شرط رد مسلمة تأتينا منهم) , لقوله تعالي: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ}.
وروي أبو داوود في قصة الحديبية: أنه جاءت نسوة مؤمنات مهاجرات, فنهاهم الله تعالي أن يردوهن, ولأنه لا يؤمن أن يصيبها زوجها الكافر أو أن تتزوج كافراَ, ولأنها عاجزة عن الهرب منهم, ولأنها أقرب إلي الافتتان, لنقصان عقلها وقلة معرفتها.
وفي (البخاري) [٢٧١٣]: (أن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط جاءت مسلمة في مدة الهدنة, فجاء أخواها عمارة والوليد في طلبها, وجاءت سبيعة بنت الحارث