للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ قَالَ: قَصَدْتُ خَبَرًا مَاضِيًا أَوْ مُسْتَقْبَلًا .. صُدِّقَ بَاطِنًا, وَكَذَا ظَاهِرًا عَلَى المَذْهَبِ

ــ

وقيل: لا يكون ذلك يمينا؛ لأن صلاحية (أقسمت) للماضي و (أقسم) للمستقبل, وكذا حلفت وأحلف.

واحترز بقوله: (بالله) عما لو قال: أقسمت أو أقسم من غير ذكر الله؛ فليس بيمين وإن نواه.

وأما حديث ابن عباس في (الصحيح) [خ٧٠٤٦ - م٢٢٦٩] في الرؤيا التي فسرها الصديق بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم, فقال له: (أصبت بعضا وأخطأت بعضا) , فقال أبو بكر: أقسمت عليك لتخبرني بالخطأ, فقال: (لا تقسم) .. فقال صاحب (البيان): المراد به: المعنى اللغوي لا الشرعي, أي: لا تقسم قسما شرعيا يوجب الكفارة, وكذا قاله القاضي عياض في (شرح مسلم).

قال المصنف: والذي قاله عجيب؛ فإن الذي جميع نسخ (مسلم): (فوالله يا رسول الله لتحدثني) , وهذا صريح يمين وليس فيها أقسم , قال: وهذا الحديث دليل على أن إبرار القسم المأمور به في الأحاديث الصحيحة إنما هو إذا لم يكن في الإبرار مفسدة ولا مشقة ظاهرة, فإن كان لم يؤمر بالإبرار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبر قسم أبي بكر لما رأى في إبراره من المفسدة, ولعلها ما علم من انقطاع السبب مع عثمان والحروب المترتبة عليها .. فكره ذكرها مخافة شيوعها, أو أنه أخطأ في تعيين بعض الرجال الذين يأخذون بالسب بعده صلى الله عليه وسلم وكان في بيان ذلك مفسدة فلم يبر صلى الله عليه وسلم قسمه.

قال: (ولو قال: قصدت خبرا ماضيا أو مستقبلا .. صدق باطنا)؛ لاحتمال ما يدعيه, فلا تلزمه كفارة فيما بينه وبين الله تعالى.

قال: (وكذا ظاهرا على المذهب)؛ لظهور الاحتمال, والذي صححه المصنف هو المنصوص هنا, ونص في (الإيلاء) على أنه إذا قال: أقسمت بالله لا وطئتك, ثم قال: أردت يمينا ماضية .. لا يقبل, وللأصحاب في ذلك طرق:

أصحها: قولان فيهما, أظهرهما: القبول.

<<  <  ج: ص:  >  >>